يعني أن الفصل إِنْ كان بغير «إلّا» فحكمه ما تقدّم، وإن كان الفصلُ بإلّا فحذف العلامة أحسنُ من إثباتها، وهو عند العرب مفضّل، والإثباتُ مفصول. فقولك: ما قام إلا هندٌ، وما خَرج إلا وعدٌ أفضل من قولك: ما قامت إلا هندٌ، وما خرجت إلا زينب. ومثل ذلك [قوله]: ما زكا إلا فتاةُ فلان. لو قال: ما زكت، لجاز، ولكنه مفضول. فالوجهان -على الجملة- جائزان، وإن كان أحدهما أرجح من الآخر. ووجه رجحان الحذف أن النَفْى [بما] يقتضى العمومَ والتذكير، فكأنَّه فى المعنى: ما قام أحدٌ إِلّا هندٌ، وما خرج إنسان إلّا وعدٌ؛ فإذا كان المعنى على التذكير كان إسقاطُ التاء أولى، وإن كان اللفظ على يقتضى غير ذلك. ووجهُ الإثباتِ القصدُ إلى إسناد الفعل إلى المؤنث، اعتبار اللفظ، ومما جاء على غير الأولى قولُ ذى الرُمَّة:

[طوى النحزُ والاجراز ما فى غُروضِها] فما بَقِيت إلا الصُّدور الجراشِعُ

وقال ذو الرمة أيضا:

كأنها جَمَلٌ وَهْمٌ وَما بقيت

إلا الّنحيزَةُ والأَلْواحُ والعَصَبُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015