من باب تعليق الفعل عن الفاعل كما يُعلّق عن المفعول بإطلاق في باب ظننت، لأن بدا وظهر وتبيَّن في معنى عَلِم، فعُلِّق تعليقه، وكذلك قوله: {أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُم}، لأن معناه: أفلم يعلموا؟
فإن قيل: فأين الفاعل؟
قيل: ما أعطاه الكلامُ المعلّق عنه الفعل من معنى المفرد، لأن التقدير: بدا لهم هذا المعنى، كما أن الجملة المعلّقة في «علمت» هى على ذلك التقدير، ولم يقع مفعولُ علمت جملةً أصلًا إلا في اللفظ، وأما في المعنى فلا، فكذلك وقوعُ الجملة في موضع الفاعل.
فإن قيل: فيصدقُ أن الفاعل ليس بمفرد.
قيل: أما في اللفظ فنعم، كما يقع الحرف فاعلًا في نحو: أعجبني أن تقوم، ولا يدلّ ذلك على أن نفس الفاعل غير الاسم، وأما في التحصيل فلا، بل الفاعل معنى الجملة، وهو المفرد الذى صِرْنا إليه. وأيضًا قد وقع المبتدأ جملة في اللفظ، لأن المعنى معنى المفرد، نحو: سواء علىّ أقمت أم قَعَدْتَ. وهو كثيرٌ في القرآن والكلام العربي؛ لأن «أقمتَ أم قعدت» في تقدير: قيامُك وقُعودُك، ولم يكن ذلك ضائرًا، فكذلك يقع الفاعل في اللفظ جملة إذا كان المعنى للمفرد.
فإن قيل: هذا إقرارٌ بمذهب الكوفيين.
قيل: إن أرادوا بما أجازوا/ هذا المقدار فنحن نوافقهم عليه، ولا يبقى بين الفرقين خلاف، فإن أرادوا غير ذلك فلا نقول به؛ إذ الجملة من حيث هى جملةً لا تقع فاعلةً أبدًا، ولا يوجد في الكلام ذلك إلا على