صيغة أفعل نحو: أرى وأعلَمَ، تعدّيا إلى ثلاثة مفعولين، مثال ذلك: أعلمتُ زيدًا عمرًا أخاك، ورأيت بكرا بشرً قائما. وفى هذا الكلام تنبيهُ على أُمورٍ سوى المعنى المفهوم أولا:
أحدها: أن هذين الفعلين منقولان بالهمزة مما يتعدّى إلى مفعولين، فليسا فى هذا التعدّى أَصِيلِين، وذلك بَيِّنُ من قوله: «إذا صَارا أرى وَأَعْلَما»، يعنى بالتعدّى بالهمزة المتعدّية اللاحقة لرأى وعَلِم.
والثانى: أنه لما أطلق القول فى رأى، وكان قد قدّم لها معنيين تكون بهما من النواسخ، أشعر ذلك بأنها كذلك إذا نقلت بالهمزة فمثال العِلّميّة ما تقدم، ومثال الحُلُمية قول الله سبحانه: {إِذ يُريكَهُمُ الله في مَنَامِك قليلًا ولو أراكَهُم كَثِيرًا لفشلتم} الآية. ثم قال: {وَإِذْ يُرِيكُمُوُهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُم في أَعيُنِكُمْ قَلِيلًا}، فهذه بصرية تتعدّى بالهمزة إلى أثنين، و (قليلًا) حالُ لا مفعولُ ثالث.
والثالث: أن قوله «عَدّوا»، يريد بضميره العرب، ففيه تنبيهُ على أَنّ هذه التعدية إنّما قيل بها لما كانت العربُ قد أتَتْ بها، ولولا ذلك لم يُقَلْ بها قياسًا؛ إذ القاعدة الاستقرائية أنّ التعدّى بالهمزة فيما يتعدّى إلى اثنين سماعُ وليس بقياس؛ إذ لم يكثر كثرةً توجب القياس، بخلاف غير المتعدّى فإنه يتعدّى بالهمزة قياسًا، لكثرة ما جاء منه فى السماعِ، وكذلك المتعدّى إلى واحدٍ قد