يعني أن رأى التي بمعنى رؤيا النوم -وتسمى الحُلُمية لأنها منسوبة إلى الحُلُم. وهو ما يرى النائم- لها من الحكم مثلُ ما لعَلِمَ التي تطلب مفعولين حسبما تقدّم ويأتى، فيتعدى رأى الرُّؤيا إلى مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، فتقول: رأيتُ في النوم زيدًا صديقك. ومنه قولُ الله تعالى: {قال أَحَدُهما: إني أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا}.
وأضاف الفعل إلى الرؤيا تعريفًا لرأى بالمصدر الذي هو مختصٌّ بالنوم؛ فإن الرؤيا لا يكن مصدرًا إلا لرأى التى تُستَعمل في النوم. و «لرأى» متعلِّق بقوله: انم»./ وقوله: «لِعَلِمَ» و «من قبل» متعلقان بانتمى. وطالب مفعولين: منسوب على الحال من علم، لأنه اسم عَلَمٌ للفظ، والتقدير: انم لفعل الرؤيا ما انتمى لعَلَمَ من قبلُ، حالة كون علم طالب مفعولين. وإنما قيّد عَلِمَ بقوله: طالب مفعولين، لأنّه قدم لها استعمالين، استعمالًا على أصلها، وآخر تعدّى فيه إلى واحدٍ، فلو أطلق اللفلظ في علم لكان يتوهّم رجوعه إلى علم المتعدّية إلى واحد، لأنها أقرب مذكور. ويقال: نَمى الحديث والخبر: إذا فشا وشاع، ونَمَيْتُه أنا: إذا أَشْهَرته وأظهرته. فقوله: «انم» هو من المتعدى، ومنصوبه ما، أي: اشتهر لرأى المذكورة ما انتمى واشتهر لعلم ذات المفعولين. وانتمى: مطاوى نمى، كشهرت الحديث فاشتهر.
فإن قيل: قولُه «انمِ ما لعلم» قد اقتضى بعمومه أن يُنْمَى لرأى الرؤيا جوازُ الإلغاء ودخولُ التعليق، كما اقتضي تعدّيها إلى المفعولين؛ إلا أنّ ذلك عند المؤلف غير صحيح، ألا تراه في التسهيل خصّ دخول