الإلغاء والتعليق بأفعاللقلب حيث قال: «وتسمّى المتقدمة على صَيَّر قلبيةٌ» .. إلى آخره، فأخرج رأى الحُلُمية عنها إِذْ لم يذكرها معها، وذكر تخصيص أفعال القلب بجواز الإلغاء على الجملة، ثم ذكر أنها تختصّ أيضًا بالتعليق، فلا يكون إلا فيها وفيما أشبهها مما ذكر، فأخرج رأى الحلمية من ذلك بالكلية. وفي الشرح ما يساعد على ذلك، فكيف يأتى هنا بعبارة تعمّ جميعَ الأحكامِ المذكورة؟ ألا تراه قال بعد شرح معنى الإلغاء والتعليق: ولا يكونان إِلّا في فِعْلٍ قلبي متصرّف؟ فالحاصل أن هذا التعميم معترضٌ.
فالجواب: أن النحويين قلّما نجد منهم من يذكر هذه المسألة بخصوصها، والظاهر في القياس جوازُ الإلغاء فيها والتعليق أيضًا؛ أما الإلغاء فلا يتعد أن يخبر الإنسان بخير يطلقه وإنما مستنده فيه النوم فيقول: زيد قام، أو عمروٌ أكرمني، ويريد في النوم. وعلى هذا يقول: رأيت زيدًا قام، ورأيت عمرًا أكرمني، إذا قصد الإعمال، كما قال يوسف عليه السلام: {يا أبَتِ، إِنِّي رأيت أحد عَشَر كوكبًا والشمس والقمر رأيتُهم لي ساجدين}. فإذا قصد إطلاق الخبر ثم استدرك قال: زيدٌ -رأيتُ- أكرمنى، وزيدٌ أكرمني، رأيت- وما أشبه ذلك. إلّا أنّ مثل هذا القصد في الإخبار قليل الوقوع، وقِلَّتُه لا تخرجه عن القياس. وأما التعليق فكذلك أيضَا إذا قال: رأيتُ ما زيدٌ قائم، إذا رأى في النوم مقتضى هذا الخبر، ومثله: رأيتُ متى زيدٌ منطلقٌ، ورأيت أزيدٌ أخوك أم عمروٌ. وهذا لا مانع منه في القياس؛ فقد يمكن أن يكون الناظم