وحَسِب من الحُسبان، وزعم بمعنى ضَمِن، وعدّ من الحسبان أيضًا، وحجا بمعنى يغلب في المحاجاة، ودرى بمعنى خَتَل، يقال: درى الذئب الصيد: إذا استخفى له ليفترسه، وجعل بمعنى خلق، . كلها تتعدى إلى ما تعدّت إليه الأفعال التي تضمنت معانيها. وقد تكون مؤدّيةً معنى ما لا يتعدّى، نحو حجا فإنها قد تكون بمعنى: بخل، وبمعنى أقام. وزعم قد تكون بمعنى هزل، وعلم قد تكون بمعنى انشقت شفته فهو أَعْلَمُ، ووجد بمعنى استغنى أو غضب أو حزن، وحسب بمعنى آحمرّ لونه وابيضّ كالبرص، وخال الفرسُ بمعنى ظَلَعَ، أو بمعنى عجب أيضا. وما أشبه ذلك، فلا تتعدّى كما لا تتعدّى الأفعال المرادفة لها. وعلى هذين فليست من هذا الباب. والناظم قد ترك التنبيه عليها كُلِّها إلا علم بمعنى عرف، وظن بمعنى اتهم، فيبقى سائرها داخلًا تحت إطلاقه في جميع استعمالاتها، ذلك غير صحيح. وغاية ما يخرج له دون هذين الفعلين جعل؛ إذ قال فيها: «وَجَعَلَ اللّذ كَاعْتَقَدْ»، وهَبْ وَتَعْلّمْ؛ إذ جعلهما من الباب وقَيّدهما بعدم التصرّف، فاقتضى لزومهما معنًى واحدًا، وهو الذين ذكره وما عداها مُشكلٌ إطلاقه فيه.
فالجواب: أنّ الناظم -رحمه الله- قال أولا: «انصِبْ بعفل القْلب جزءي ابتدا»، فقيّد الفعل الناصب لجزأى الابتداء بكونِه فِعْلَ قلب، ثم فسّرها،