بالأصالة وإما بالتضمين، لزم أن يتعدى تعدِّيهما، فتقول في علم بمعنى عرف: علمتُ زيدًا، وتقتصر، أي: عرفتهُ. قال الله تعالى: {وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهم لا تَعْلَمُونَهُمْ اللهُ يَعْلَمُهُم}، وقال تعالى: {أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يعلَمُونَ شَيْئًا ولا يهتَدُونَ}. وتقول في ظنّ بمعنى أتَههم: ظننتُ زيدًا، أي: اتهمتُه، ومنه الآية المتقدمة. والفرق بين العلم والعرفان أن العلم يرجع إلى ذات المعروف وصفاته وأحواله، والعرفان/ راجع إلى ذاته خاصّةً؛ فالعلم في تعلقه بالمعلوم عام، والعرفان في تعلقه بالمعروف خاصّ. فإذا صار لفظ العلم إلى معنى لفظ العرفان صار خاصًا مثله.

وقوله: «لِعِلْم عِرْفانٍ وَظَنَّ تُهمه» خبر المبتدأ الذي هو: «تَعديةٌ».

فإن قيل: إن أفعال هذا الباب -كما ذكر- مستعملة على وجهين:

أحدهما: أن تكون معانيها راجعةً إلى الظنّ والعلم في أصل وضعهما، فيتعدّى إلى مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، وهي ما تقدَّم شرحُه أَوَّلَ الباب.

والثاني: أن تكون بمعنى أفعالٍ أُخَر، فلها إذ ذاك من التعدّى أو اللزوم ما لأفعالها التي تضمّنت معانيها. وهذا فيها معلوم أيضَا ومشهور، فرأي بمعنى أبصر تتعدى إلى واحدٍ، كما تتعدّى أبصر، فتقول: رأيت زيدًا بمعنى أبصرته، وكذلك رأيته بمعنى أصبت رئته، يتعدّى تعدِّيهُ، ورأيت رأيًا بمعنى اعتقد. ووجد بمعنى أصاب،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015