الناس بأن يقول: إن المفعول الثاني ليس بحال، لأَنّ الحكاية حكمها أنّ تكون من الجمل والكلام التام. يريد: والحال إنما تأتى بعد تمام الكلام، فيلزمه بدعوى الحال في المفعول الثاني هنا أن يكون الظّنُّ واقعًا في أصله على المفرد لا على الحكاية. وهذا تناقض ظاهر. فالصحيح على هذا ما ذهب إليه الناظم والبصريون.
ثم أخذ يعدّد هذه الأفعال التى عبّر عنها بفعل القلب فقال: «أَعْنِى: رَأَى، خالَ، علِمْتُ، وَجَدا» إلى قوله: «وَهَبْ، تعَلّمْ»؛ يريد بقوله «أعنى: رَأَى .. » تفسير فعل القلب، كأنه قال: أعنى بفعل القلب رأى وخال، وعلمت، ووجد». وحَذَف حروف العطف على عادته في ذلك. وجملةُ الأفعال التى أَتَى بها ثلاثة عَشَر فعلًا:
أحدها: رأَيتُ، وهى تكون تارةٌ بمعنى الظن. وقد جَمع الأمرين قولُه تعالى: {إِنّهُم يَرَوْنَهُ بعيدًا. وَنَراهُ قَرِيبا}، أى: يَظنّونه بعيدًا ونعلَمُه نحنُ قريبا.
والثاني: خِلْتُ، وغالبُ أمرها أن تكون بمعنى الظن، ومنه قولهم في المثل: من يَسْمَعْ يَخَلْ. وأنشد في شرح التسهيل:
إِخالُكَ إن لم تَفْضُضِ الطّرْفَ ذَا هَوَى
يَسُومُكَ ما لا تستطيعُ من الوَجْدِ
والثالث: عَلِمتُ، وهى بمعنى اليقين ليس غيرُ، وذلك فيها مشهور، نحو: