والجواب: أنّه إنما نبّه على البواقي لفائدة التنكيت على ما ذهب إليه بعض النحاة، فهو يقول: إنّ ثلاثة الأحرف المذكورة وهى: إِنّ ولكنّ، هى المختصة بهذا الحكم، وليس بشامل لها وللبيت ولعلّ وكأنّ، كما يقول بعضهم، فهذا الموضع مثلُ قوله في باب كان: «فَجِئْ بها مَتْلُوّةً لا تاليةٌ»، وقد مضى التنبيه عليه. والمخالف في المسألة هو الفراءُ، فأجاز أن يقال: كأنّ زيدًا أسدٌ وعمروٌ، ولعل زيدًا قائم وعمروٌ، وليت زيدًا قائم وعمروٌ. وشاهده على ذلك قولُ الراجز:
يا ليتَنىِ وأنتِ يا لَمِيسُ
بِبَلْدةٍ لَيْسَ بِهَا أَنِيسُ
قال المؤلف: «ولا حجة له في ذلك، لاحتمال أن يكون «وأنت» مبتدأً محذوف الخبر، تقديره: وأنت معي، والجملة/ في موضع لاحال واقعة بين اسم ليت وخبرها. وإنّما امتنع العطفُ على الموضع فيها عند الجمهور لأنّ دخولها غَيّر معى الابتداء الذى هو محرزٌ للموضع، فصار مسوخًا بمعنى التمنى والترجي والتشبيه، وأنت إذا عطفت فرفعت المعطوف لم تحمله إلا على الابتداء، فلم يصحّ ذلك حيث لم يبق معى الابتداء، ولا له محرزٌ، بخلاف إنّ وأَنّ ولكنّ، فإنها لم تغير معنى الابتداء، لأنّها داخلةٌ لتوكيده أو للاستدراك به لا نسخ معناه، فجاز رفع المعطوف معها على لَحْظِهِ؛ قال سيبويه: «ولم تكن ليت واجبةٌ ولا لعلّ ولا كأنّ، فَقُبح عندهم أن