علمت إِنّ زيدًا لقائم، فنجد معنى المكسورة كمعنى المفتوحة، تؤكد في الموضعين كليهما قيام زيدٍ لا محالة، والقيام مصدرٌ كما ترى. نعم وتأتى هنا بصريح الابتداء فتقول: قد علمتُ لزيدٌ أفضلُ منك، كما تقول: علمت إنّ زيدًا أفضلُ منك؛ أفلا ترى إلى مجارى هذه التراكيب إلى معنى [واحد] وتناظر بعضها إلى بعض. وسببُ ذلك كلّه ما ذكرت من مشابهة إنّ لفظًا ومعنى وعملًا، فإذا كان كذلك سقط اعتراضُ هذا المتأخر على ما أورده سيبويه، وأسقط كلفته عنه. قال: ويزيدُ فيما نحن عليه بعد قوله:
وَلَا أَنّنِى بالمَشْىِ في القيدِ أَخْرُقُ
فعاد إلى أَنّ البتّةَ. وهذا ما قاله ابن جني.
وقال ابن خروف: لا يمتنعُ حملُ الجملة الابتدائية على أنّ، ثم قال: ويجوزُ في المعطوف ما لا يجوز في المعطوف عليه؛ ألا ترى إلى قولهم: رُبّ رَجُلٍ وأخيه، وأشباهه، والحملُ في هذا أحرى بذلك.
فإذًا ما رآه الاظمُ هو الصحيح من القولين.
وأما قولُه: «مِن دُوْنِ لَيْتَ وَلَعَلَّ وكَأَنّ»، ففيه سُؤال وهو أن يقال: هذا الشطر حشوٌ لا معنى له، لأنه لو اقتصر على ذكر ثلاثة الأحرف -وهى المتقدمة- لا قتضى كلامُه اختصاصَ ذلك الحكم بها دون ما بقي، لأن المسكوت عنه لا يجرى على حكم المنطوق به، ولا يحمل كلامه على ذلك، فصار ذكر البواقي منفيّ الفائدة.