يُدْخِلُوا الكلام الواجب في موضع التمنّى، فيصيروا قد ضَمُّوا إلى الأول ما ليس على معناه، بمنزلة إن». يعنى: أنه قبح أن يدلُّوا بالخبر الذى ليس بواجب، وهو خبر هذه الحروف، علي الخبر الواجب، وهو خبر المعطوف، إذ لا يدلّ على المحذوف إلا ما هو على معناه.
وقال السيرافي: «حَمْلُ المعطوف في هذه الحروف على الابتداءِ بغيّر المعنى الذي أحدثته هذه الحروف، لو قلت: ليت زيدًا منطلقٌ وعمرو مقيم، كان «وعمرو مقيم» خارجًا عن معنى التمنّى». فإذا كان كذلك لم يستقم حملُ هذه الحروف على إنّ لمباينة ما بينهما.
فالناظم إذًا أراد أن ينبّه بهذه الزيادة على خلافِ من خالف، وأيضًا فو سكت لسبق إلى الوهم إجراء القياس، فنصّ على نفي ذلك لئلا يُتَوّم صحتُه. وقلّما تجد في هذا النظم ما يسبق أه فضلٌ إلا وتحته فائدة أو فوائدُ، وقد مضى من ذلك أشياء، وستأتى أُخَر إن شاء الله تعالى.
وأطلق الناظمُ العطفَ ولم يُقَيِّده بحرفٍ دون حرفٍ، فدلّ على أَنّ لحروف العطف دون الواو في ذلك مدخلًا، وذلك صحيح، فتقول: إنّ زيدًا قائم فعمروٌ، و: فعمرًا. وإنّ زيدًا قائم ثم عَمْروٌ، وإن الناس قادمون حتى المشاةُ، وإن زيدًا قائم بل عَمْروٌ، وإنّ زيدًا قائم لا عمروٌ. وما أشبه ذلك، إلا أَمْ وإمّا فإنّ هذا الموضع ليس من مواضعهما فلذلك -والله أعلم- لم يستثنهما الناظم؛ إذ لا يصح دخولهما مع إنّ وأخواتها.