بعدها إلى الانتصاب بأن مضمره، وأن المنصوب بها مصدر لا محالة حتى كأنه قال: أعِنْدَه عِلْمُ الغيب/ فرؤْيتُه، كما أنّ قوله {فأنتم فيه سَوَاءٌ}، أى: هاك شركة بينكم فاستواء». انتهى ما ذكر من السماع.
ومنه في القرآن مواضع، كقوله تعالى: {أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِم سُلْطانًا فَهُو يَتَكلّمُ}، وقوله: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ. أَمْ عِنْدَهُمُ الغَيبُ فَهْم يكتُبُونَ}. وقد أنشد سيبويه:
وَإِلّا فَاعْلَمُوا أَنّا وَأَنْتُمْ بُغَاةٌ ... ... ...
ثم قال: «كأنه قال: نحن بغاةٌ وأنتم». فقدّم وأخّر، في مرفوعًا بالابتداء والخبر محذوف، كقوله تعالى: {إِنّ الّذِينَ آمنُوا والذينَ هادُوا والصّابئُونَ والنّصارى}. فقد سوّى بين إنّ وأنّ، فليس سيبويه مِمّن يقصرُ ذلك الحكم على المكسورة، كما ظنه بعضهم.
قال ابن جني: «فأما وجه القياس فهو [أَنّ] المفتوحة -وإن لم تكن من مواضع الابتداء فإنها في التحقيق مثلُ المكسورة، فلما استويا في المعنى في العمل وتقاربنا في اللفظ، صارت كلّ واحدٍ كأنها أختها؛ يزيد ذلك وضوحًا أنك تقول: علمت أَنّ زيدًا قائمٌ، وعلمت أنّ زيدًا قائمٌ،