وهذا الرأي أسعد بكلام الناظم، لأنه قد أجاز العطف على الموضع في باب اسم الفاعل، وليس إلّا من باب التوهّم، وسيأتى ذكره في بابه إِنْ شاء الله تعالى.
وهذا الموضع -أعنى الحمل على التوهّم- خالف فيه البصريون البغداديين في موضع، ووافقوهم في موضع. فأما موضع المخالفة فحيث كان من باب اعتبار الفاء نحو: ما زيد قائما ولا قاعدٍ. وليس هذا الموضع من ذلك، وأما موذع الموافقة فحيث كان من باب اعتبار الأصل نحو: هذا ضاربُ زيدٍ وعمرا. فهذا الموضع من ذلك؛ لأن الأصل الابتداء، وإنما اختلفوا هنالك واتفقوا هنا، لكثرة هذا وقلة ذاك.
وهذا كلّه إما هو فيما إذا استكمل العامل معموليه، وهو قول الناظم: «بَعْدَ أن يستكْمِلَا» فالضمير في «يستكمل» عائد إما على إِنّ، كأنه قال: بعد أن يستكمل العامل ما يحتاج ايه من معمولاته التي يكمل بها الكلام، وذلك الخبر، أي: بعد أن يؤتى بالخبر، وإما على منصوب إنّ كأنها راد: بعد أن يستكمل الاسم ما يطلبه من جهة معناه من الخبر؛ إذ لا يستقلُّ به الكلام دون الخبر. وأما إذا لم يستكمل العاملُ عمله، أو الاسم خبره، فليس إلا النصب على ما يُفْهَم من اشتراطه الاستكمال. وما ارتضاه من ذلك هو رأي البصريين، فإذا قلت: إِنّ الزيدين وعمرًا قائمون -ومنه قولُه تعالى: {إنّ الذين آمنُوا والذين هادُوا والصّابئينَ والنّصَارَى والمجُوسَ والذينَ أَشْركُوا، إِنّ