وقد أحتج له المؤلف بأنهم اقتصروا فى هذا العطف على الإيتان به بعد تمام الجملة، ولو كان من عطف المفردات لكان وقوعُه قبل التمام أولى، لأنّ وصل المعطوف بالمعطوف عليه أجودُ من فصله وأيضًا لو كان كذلك لجاز رفع غيره من التوابع، ولم يَحْتَجْ سيبويه في/ قوله تعالى: {قُلْ: إِنّ ربّي يقْذِفُ بِالحقِّ عَلَّامُ الغُيوبِ} إلى أن يجعله خبر مبتدأٍ أو بدلًا من فاعل يقذف. واستدلّ بغير ذلك مما يطول فيه الكلام.
وإن كان مراده الأول، وكان هو مذهبه فيترجح بأمرين:
أحدهما: أنّ جَعْلَه من باب عطف الجُمَل يؤدّى إلى مخالفة الظاهر من ادّعاء حذف الخبر مع إمكان الاستغناء عنه كما فى المنصوب، لأنّ المسألتين وإن كانتا تحتاجان إلى تقدير فالتقدير مع المنصوب كالمُطّرَح، ولذلك جاز العطف فيه، فلا تقول: إن زيدًا قائمٌ لا عمرًا، فكذلك (تقول) في الرفع: (إن زيدا قائم) لا عمرو. فهذا من عطف المفردات، لأنّ «لا» لا يعطَفُ بها الجملُ إلا مع التكرار، نحو: لا عمرو خارج ولا بكر مُقيمٌ. وأما جعل هذه المسألةِ من عطف الجمل، والمقدر كالمنطوق به، فهو ادّعاء ما لا دليل عليه، وذلك ممنوع.