كان كذلك فلا حاجة إليالزيادة الاسميّة، وإنما تعقل الزيادة إذا قُصِد بها قَصْدَ الأدواتِ، وهي الحروف للزيادة، فلم يكن في تَرْكِه البيان كبيرُ إشكالٍ.
والثاني: أن القول: «قَدْ يُبَقى العَمَلُ» مُشْعِرٌ بالتقليل، كا مر، ومن جملة هذه الحروف ليت فاُقتضى أَنّ إعمالها مع ما قليل أو مقيس على قلّة. وذلك غير صحيح بل إعمالها كثير، مشهور، بل هو المتحقق فيها. وأما إبطال العمل فغير متعيّن؛ قال سيبوية: «وأما ليثما زيد منطلقٌ، فإن الإلغاء فيه حسن». قال: «وقد كان رؤبة بن العجاج يُنشِدُ هذا البيت رفعًا:
قَالَت: أَلَا لَيْتَما هَذا الحمامُ لنا
إلى حَمَامَتِنا ونصْفُه فَقَد
فرفعه على وجهين: على أن يكون بمنزلة قول من قال: {مَثَلًا ما بَعُوضة} أو يكون بمنزلة قوله: «إنما زيدٌ منطلق». هذا ما قال، والوجهان جاريان فيما يغرض من هذه المسائل. وإذا كان كذلك لم يصحّ أن يُقال: إن الإعمال في ليت قليل، ولا سيّما على مذهبه في الشرح؛ فإنه لما قَرّر ما أجازه سيبويه من الوجهين قال: «وليت -بهذا التوجيه- عاملةٌ فى الروايتين، وهى حقيقةٌ بذلك، لأن اتصال ما بها، لم يُزِلْ اختصاصها بالأسماء، (بخلاف أخواتها فإن اتصال ما بها أزال أختصاصها بالأسماء)، فاستحقت ليثما بقاء العمل دون إنّما، وكأنّما، ولكنّما، ولعلّما، وهذا هو مذهب سيبويه». انتهى ما قال.