أقولُ أَني أحمدُ الله، كأنك قلت: أول ما أقول الحمدُ لله، وأَنّ في موضعه». قال: «وإنْ أردْت أن تحكى قلت: أولُ ما أقول: إِنى أحمد الله». يعنى بالحكاية الحملُ على الابتداء. ومثله: كلامُ زيدا إنه يقول كذا كذا، وجوابه إنّ زيدًا في الدار، وسؤالى إِنى أسأل الله كذا كذا، وخبرى عن حالِ زيدٍ إنه مُتّكِئ. وما أشبه ذلك.

وقيّد مثاله المسألة بشرط لا بُدّ منه وهو: أن يكون أول الكلام مما يقتضى الحكاية، وذلك القولُ وما في معناه، فلذلك قال: «فِى نَحْو خَيرِ الْقَولِ إِنِّى أَحْمَدُ»، والقول يقتضى الحكاية، فإذا كان كذلك ساغ إجراؤه على الحكاية، وساغ إجراؤه على غير الحكاية، ومن ثَمّ جاز الوجهانِ في إنّ هذه.

ولما حَصَرَ مواضع القسمين واستوفى عَدّها، دَلّ كلامُه على أنّ ما عدا ذلك فهى فيه مفتوحة، وهو القسمُ الثالثُ من أقسام إِنّ، فلم يَحْتَجْ إلى تكلُّفِ عدِّها. وقد ذكر الناس لفتحها عشرة مواضع:

أحدها: أن تقع فاعلة، أى: مُؤَوّلة مع معموليها بالفاعل، لأنها مصدرية، نحو: أعجبنى أنّك منطلقٌ، لأنها في تقدير: أعجبني انطلاقُك.

والثاني: أن تقع مفعولةً نحوُ: كرهتُ أنّك قائم، تقديرُه: كرهتُ قيامك.

والثالث: أن تقع مجرورةً لفظًا، نحو: عجبتُ من أَنّك مُنْطَلِقٌ، أو تقديرًا نحو: {وأَنّ المساجِدَ لِلهِ فَلَا تَدْعُوا} .. الآية. (أى): ولأَن المساجد لله.

والرابع: أن تقع مبتدأة، نحو: عِنْدى أَنك منطلق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015