إذاً: الظرف والجار والمجرور لا يصح واحد منهما أن يعرب مبتدأً البتة.
إذاً: ظننت في الدار صاحبها؛ الأصل قبل دخول (ظن): صاحبُها في الدار، عاد الضمير على متأخر في اللفظ والرتبة، صاحبُها: مبتدأ وهو مضاف والهاء مضاف إليه، في الدار: هذا جزء خبر؛ لأنه متعلق بمحذوف -بعض الخبر-.
إذاً: عاد الضمير على بعض الخبر.
كَذَا إذا عَادَ عَلَيْهِ مُضْمَرُ ... مِمَّا بِهِ عَنْهُ مُبِيناً يُخْبَرُ
حينئذٍ عاد على بعض الخبر، على ملابس الخبر.
لتصحيح هذا التركيب، وهو امتناع عود الضمير على متأخر لفظاً ورتبة وجب تقديم الخبر، في الدار صاحبها؛ نقول: هذا من المواضع التي يجب فيها تقديم الخبر على المبتدأ، وتأخير المبتدأ.
إذا دخلت (ظن) على هذا التركيب وهو مبتدأ وخبر التزم الأصل قبل دخول (ظن) لأن الحكم واحد، ولذلك سبق أن ما ثبت في باب المبتدأ والخبر، عينه ما ثبت في باب كان وأخواتها وإن وأخواتها وظن وأخواتها، هذا هو الأصل إلا ما اختصت به الأبواب في بعض المسائل والأحكام المخالفة للأصل، وإلا الأصل واحد.
صاحبها في الدار، ظننت صاحبها في الدار، ظننت في الدار صاحبها؛ وجب التقديم كما وجب في الأصل.
إذاً: (ظن وأخواتها) كذلك الحكم فيها سيان، ولكن الناظم هنا ذكر ما يتعلق بمفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر؛ لأن مفعولي (ظن وأخواتها) يعلم مما سبق، وإلا الأصل أن هذه الأحكام الثلاثة: التزام الأصل، امتناع التزام الأصل، جواز الوجهين؛ هذه تسري في النوعين: ما كان أصلهما المبتدأ والخبر، وما ليس أصلهما المبتدأ والخبر، فليس الحكم خاصاً بهذه المفاعيل، فلا يظن شيء.
وَحَذْفَ فَضْلَةٍ أَجِزْ إِنْ لَمْ يَضِرْ ... كَحذْفِ مَا سِيقَ جَوَاباً أَوْ حُصِرْ
وَحَذْفَ فَضْلَةٍ أَجِزْ
أَجِزْ: فعل أمر.
وَحَذْفَ: هذا مفعول به متقدم.
وَحَذْفَ فَضْلَةٍ أَجِزْ: أجز حذف فضلة، حذف فضلة أجز لا غيره، للاهتمام أو للحصر؟ هذا ينبني على مسألة: وهو أن العمدة -ما ليس فضلة-، وسيأتي تفسيره، العمدة كالفاعل هل يجوز حذفه أو لا؟ لا يجوز، لماذا؟ لأنه عمدة، والعمدة لا يجوز حذفها، هذا على مذهب البصريين، وأجاز الكسائي ومن تبعه، جواز حذف العمدة الفاعل، وعلى رأي المصنف: وهو أن الفعل يتلوه فاعل، فإن لم يكن وجب الاستتار، حينئذٍ يدل على أن الناظم يرى عدم جواز حذف الفاعل:
وَبَعْدَ فِعْلٍ فَاعلٌ فَإنْ ظَهَرْ ... فَهْوَ وَإلاّ -إن لم يظهر، ما قال: اتركه محذوفاً- فََضَمِيرٌ اسْتَتَرْ: دل على أنه لا بد منه، إما ظاهراً وإما مستتراً، إذاً: لا يجوز حذفه البتة عند المصنف إلا المسائل المستثناة التي ذكرناها سابقاً.
إذاً: قوله: وَحَذْفَ فَضْلَةٍ أَجِزْ: للحصر لا للاهتمام، حذف فضلة لا عمدة، أجز حذف فضلة، وأما العمدة فلا يجوز حذفها، والفضلة اشتهر عند النحاة بأنه خلاف العمدة كما قال ابن عقيل، والعمدة ما لا يستغنى عنه، يعني: لا يصح الكلام بدونه، لا يستغنى عنه، مثل: الفاعل ونائبه والفعل والمبتدأ والخبر، هذا لا يستغنى عنه؛ لأن أقل الكلام يتألف من ماذا؟
أقَلُّ مَا مِنْهُ الْكَلامَ رَكَّبُوا ... اسْمَانِ أَوْ اسْمٌ وفِعْلٌ كَاْرْكَبُوا