إذاً: في هذه الأحوال الثلاث، يجب التزام الأصل وهو تقديم ما هو فاعل في المعنى على ما هو مفعول في المعنى: خوف اللبس أعطيت زيداً عمْراً، كونه محصوراً ما أعطيت زيداً إلا درهماً، إنما أعطيت زيداً درهماً، الثالث: كونه ضميراً متصلاً والثاني اسماً ظاهراً، ((إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ)).

وَيَلْزَمُ الأَصْلُ: يعني السابق وهو تقديم الفاعل في المعنى.

لِمُوجِبٍ: لسبب ومقتضٍ وعلة.

عَرَا: يعني وجد أو طرأ.

وَتَرْكُ ذَاكَ الأَصْلِ قد يرى حتماً.

ترك ذاك الأصل ما هو الأصل؟ تقديم ما هو فاعل في المعنى، كيف نتركه؟ بأن نؤخر المفعول الأول ونقدم المفعول الثاني.

حَتْماً: واجباً، قَدْ يُرَى.

وَتَرْكُ: ترك هذا مبتدأ، وَتَرْكُ ذَاكَ، تَرْكُ: مضاف، وذَاكَ: مضاف إليه.

والأَصْلِ: بدل أو عطف بيان.

قَدْ يُرَى: قَدْ للتقليل. إذاً: ترك الأصل قليل باعتبار الأصل، قَدْ للتقليل، قَدْ يُرَى، يُرَى هو نائب فاعل، أي: ترك هذا الأصل.

حَتْماً: هذا حال من نائب الفاعل، أي: قد يرى واجباً، ترك الأصل قد يرى واجباً، وذلك كما إذا كان الذي هو فاعل في المعنى محصوراً، لو كان الذي هو فاعل في المعنى محصوراً نحو: ما أعطيت الدرهم إلا زيداً، زيداً: هذا فاعل في المعنى وهو محصور، وحينئذٍ لزم تأخيره، كما سبق معنا:

وَمَا بِإلاَّ أَوْ بِإِنَّمَا انْحَصَرْ ... أَخِّرْ

مطلقاً بلا تفصيل، كل ما كان محصوراً بـ (إلاَّ) أو بـ (إِنَّمَا) لزم تأخيره.

إنما أعطيت درهماً زيداً، زيداً محصور فيه، وحينئذٍ يلزم من هذا تقديم المفعول في المعنى على الفاعل في المعنى فيعكس، يقدم المفعول الثاني على المفعول الأول، وكذلك التزمه في الإعراب، تقول: ما أعطيت درهماً إلا زيداً، أعطيت: فعل وفاعل، ودرهماً: مفعول ثاني، وزيداً: مفعول أول مؤخر، وحكم التأخير هنا واجب؛ لكونه محصوراً فيه.

إذاً: كما إذا كان الذي هو فاعل في المعنى محصوراً نحو: ما أعطيت الدرهم إلا زيداً، أو ظاهراً والثاني ضميراً متصلاً: الدرهم أعطيته زيداً، مثل: ضربني زيد، ما حكم ضربني زيد؟ وجوب تقديم المفعول به على الفاعل وتأخير الفاعل، لماذا؟ لكون الفاعل اسماً ظاهراً والمفعول ضميراً متصلاً، وحينئذٍ لا يجوز أن يقال: ضرب زيد إياي، لا يصح؛ لأنك لو أردت الترتيب الأصلي تقديم الفاعل على المفعول قلت: ضرب زيد إياي، إياي: هذا مفعول جاء في محله، لكن نقول: لا، هذا لا يجوز، متى ما تأتى وأمكن أن يؤتى بالضمير متصلاً فلا يعدل عنه إلى المنفصل، فتقول: ضربني زيد بتقديم المفعول به على الفاعل وجوباً، الدرهم أعطيته زيداً، زيداً آخذ أو مأخوذ؟ آخذ، إذاً: هو فاعل في المعنى، أعطيته: الضمير يعود إلى الدرهم والدرهم مأخوذ.

إذاً: الهاء نقول: في محل نصب مفعول ثاني، وزيداً: منصوب على أنه مفعول أول، تقدم المفعول الثاني على المفعول الأول، المفعول في المعنى على الفاعل في المعنى وجوباً لكون المفعول الثاني ضميراً متصلاً والمفعول الأول اسماً ظاهراً، وللقاعدة السابقة وَفِي اخْتِيَارٍ إلى آخره نقول: يجب أن يتصل الضمير بعامله، الدرهم أعطيته زيداً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015