ذكر لنا علامة ولم يذكر لنا الحد؛ لأنه كما سبق أن الناظم كثيراً ما يجري بذكر العلامات وذكر الأمثلة، وحينئذٍ الضوابط عنده أعم من الحدود والتعاريف، وهذا أجود، أسهل بالنسبة للطالب، فعلامة الفعل المعدى أن تصل به هاء غير مصدر، يعني: يتصل به ضمير، هذا أولاً، مرجع هذا الضمير لا يكون مصدراً بل يكون غير مصدر، إن اتصل بالفعل ضمير غير عائد على مصدر فهو متعدي، وإلا فهو لازم.
عَلاَمَةُ الْفِعْلِ الْمُعَدَّى أَنْ تَصِلْ
أَنْ تَصِلْ: (أَنْ) وما دخلت عليه في تأويل مصدر خبر عن المبتدأ.
أَنْ تَصِلْ هَا: هَا هذا مفعول.
غَيْرِ مَصْدَرٍ: ضمير راجع إلى غير مصدر.
بِهِ: يعني بالفعل، هذا جار ومجرور متعلق بقوله: تَصِلْ.
نَحْوُ عَمِلْ: الخير عمله زيد، عمله اتصل بعمل ضمير، مرجع الضمير ما هو؟ خير، هل هو مصدر؟ لا، إذاً هو فعل متعدي، فلو كانت عائدة على المصدر حينئذٍ لا يصح أن يحكم عليه بهذه العلامة بأنه متعدي.
الضربُ ضربته زيداً، ضرب هو متعدي في نفسه، لكن ما علامته في هذا التركيب؟ أن نجعل الهاء هنا ضميراً عائداً على غير المصدر أم أنها عائدة على المصدر؟ ضربته مرجع الضمير الضرب، والضرب ما نوعه؟ مصدر هنا، إذاً نقول: الضربُ ضربته، الهاء هذه لا تدل على أنه متعدي، لماذا؟ لأنه اتصل به ضمير يعود على مصدر، حينئذٍ كيف نعربه ضربته، الهاء؟ نقول: مفعول مطلق؛ لأنه عاد على المصدر، ضربت ضرباً فمرجع الضمير على المصدر، وحينئذٍ نقول: الهاء هنا في محل نصب مفعول مطلق، وليست مفعولاً به.
عَلاَمَةُ الْفِعْلِ الْمُعَدَّى إلى مفعول به فأكثر.
أَنْ تَصِلْ ... هَا غَيْرِ مَصْدَرٍ بِهِ نَحْوُ عَمِلْ، فإنك تقول: الخير عمله زيد، فهو معمول.
عَلاَمَةُ الْفِعْلِ الْمُعَدَّى: يتعدى إلى نصب المفعول به، وما عدا المفعول به لا يشترط في نصبه أن يكون الفعل متعدياً، الحال والتمييز والمفعول المطلق والمفعول لأجله والمفعول معه، ما عدا المفعول به لا يشترط أن يكون الناصب له فعلاً متعدياً، لماذا؟ لأن الفعل اللازم يشترك مع المتعدي في نصب الحال، جاء زيد: فعل وفاعل، جاء هذا هل ينصب مفعولاً به؟ لا ينصب. جاء زيد راكباً، راكباً نَصَب، كيف تقول: هذا غير متعدي؟ نقول: لا، متعدي وغير متعدي في نصبه للمفعول به، وأما ما عدا المفعول به ليس له دخل في الحكم على الفعل بكونه متعدياً أو لا؛ لأن الحال والتمييز وبقية المفاعيل تُنصب بالمتعدي وتُنصب باللازم، إذاً: لا فرق بينهما بما ذكر، وإنما الفرق يكون بخصوص المفعول به فحسب؛ لأن المعنى يقتضي ذلك، لأن الفعل اللازم يدل على قيام حدث بفاعله لم يتعدَ.
الحدث نوعان: حدث له علاقة بالغير، كالضرب والقتل مثلاً، وحدث يتعلق بالشخص نفسه، الأول –المتعدي- هذا لا بد من محل يظهر عليه أثر الفعل وهو الحدث، والثاني: يدل على قيام الحدث بفاعله فحسب، قام زيد، زيد اتصف بالقيام، أما ضرب زيد لا بد أن الضرب يتعدى إلى غيره فيحتاج إلى مفعول به، حينئذٍ كل ما نصب مفعولاً به فهو فعل متعدي، سواء كان مفعولاً واحداً أو أكثر.