شكرته؛ تعدى بنفسه، إذاً: هو متعدٍ، شكرت له هذا مثل: مررت بزيد، لازم؟ لازم، كيف شكر ينصب بكونه لازماً وينصب بكونه متعدياً؟ قيل: بأنه داخل في الواسطة، لا ينصب بكونه متعدياً ولا لازماً، وقيل: ينصب بهما معاً، وقيل بالتفصيل: الأصل فيه اللزوم، الأصل: شكرت له، وشكرته فرع لا أصل، لأنه يجوز حذف الحرف وهو اللام من باب التوسع والاختصار ثم يتصل الضمير بالفعل، وهذا يسمى الحذف والإيصال، حذف لأي شيء؟ للحرف، والإيصال؟ للضمير، اتصل بالفعل، وحينئذٍ الأصل فيه: شكرت له، ثم حذفت اللام فاتصل الضمير بالعامل، ونصحت له؛ هذا الأصل، إذاً: هي لازمة لا متعدية، قيل: متعدية والحرف زائد أيضاً، وقيل: لازم وحذف الحرف توسع من باب الحذف والإيصال.
وقيل: شكرت له؛ الحرف زائد، لكن لا داعي أن نقول: زائد، وإنما نقول: من باب التوسع أولى، يعني الحذف والإيصال أولى من الحكم بكونه زائداً، لأن الزيادة خلاف الأصل، والأصل في الحرف أنه أصلي، ثم باب الحذف والإيصال كثير هذا مطرد، يحذف الحرف ويتصل الضمير بعامله الأصلي، وحينئذٍ: شكرته، شكرت له، الأصل: شكرت له وشكرته فرع، ونصحت له هو الأصل، ونصحته نقول: هذا فرع لا أصل.
الجمهور على أن (كان وأخواتها) واسطة بين اللازم والمتعدي، يعني: لا نصفها بكونها لازمة ولا نصفها بكونها متعدية، وسيأتي أن الناظم أخرج (كان وأخواتها) من هذه الأعلام التي ذكرها فيما سيأتي.
وقال بعضهم: التحقيق أن الواسطة هو الفعل الذي يأتي تارة متعدي وتارة لازم، مثل: شكر ونصح، لكن هذا ليس بجيد، ذكره بعض المعاصرين من مشايخنا.
وشكر؛ إن كانت متعلقة بالنعمة -فائدة هذه- إن كانت متعلقة بالنعمة فهي متعدية بنفسها، ((اشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ))، اشْكُرُوا نعمته، في القرآن، غالب هذا، إذا كان متعلَق الشكر النعمة تعدت بنفسها، وإن كان متعلق الشكر المنعم تعدى إليه باللام، ((اشْكُرُوا لِي))، ((اشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ)).
شكر إن كانت متعلقة بالنعمة فهي متعدية؛ ((اشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ))، وإذا تعلق شكر بالمنعم به حينئذٍ تعدى بحرف الجر، هذا هو الأكثر، هذا الغالب، قد يكون عكس، لكن الأكثر فيه هو ما ذكرت: أنه إذا كان الشكر متعلقاً بالنعمة تعدى بنفسه بدون لام، ((اشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ))، شكرته، وإن كان المراد به المنعم نفسه حينئذٍ الأكثر أن يتعدى بالحرف، ولو وجد فهو خلاف الأصل.
عَلاَمَةُ الْفِعْلِ الْمُعَدَّى أَنْ تَصِلْ ... هَا غَيْرِ مَصْدَرٍ بِهِ نَحْوُ عَمِلْ
الناظم رحمه الله تعالى لم يجر مجرى الجمهور، وهو في تقسيم الفعل إلى ثلاثة أقسام: متعدي ولازم ولا متعدي ولا لازم، يعني: واسطة بين الطرفين، لذلك قال:
عَلاَمَةُ الْفِعْلِ الْمُعَدَّى بينه، ثم قال: وَلاَزِمٌ غيْرُ المُعَدَّى، غير المعدى لازم، فحكم على كل ما لم يوجد فيه علامة المتعدي بأنه لازم، فدخل فيه (كان)، لكن الصواب أنه لم يقصد (كان) البتة وإنما عنى غير (كان) وهو القسمين المشهورين: المتعدي واللازم.
عَلاَمَةُ الْفِعْلِ: عَلاَمَةُ: مبتدأ وهو مضاف، والْفِعْلِ: مضاف إليه.
الْمُعَدَّى: نعت للفعل.