فإن لم يكن في الثانية ضمير لاسم الأول ولم تعطف بالفاء فالأخفش والسيرافي يمنعان النصب، إن لم يكن في الجملة الثانية المعطوفة على السابقة ضمير يعود على الاسم السابق، أو تكون معطوفة بالفاء فالأخفش والسيرافي يمنعان النصب، والفارسي والناظم يجيزانه.
وَإِنْ تَلاَ الْمَعْطُوفُ فِعْلاً مُخْبَرَا
تَلاَ: هذا يشترط فيه ما اشترطناه سابقاً، يعني: غير المفصول بـ (أما)، وأما المفصول بـ (أما) كما ذكرناه سابقاً إن لم يكن خبره مرجحاً للنصب فالرفع أرجح، قام زيد وأما عمرو أكرمته، قلنا: عمرو هنا بالرفع أجود، لأن (أما) هذه تفصل ما بعدها عما قبلها، بمعنى: أن الكلام مستأنف مقطوع، وإذا قيل: وأما عمرو فأكرمه ترجح النصب لوجود مرجح النصب: وَاخْتِيرَ نَصْبُ قَبْلَ فِعْلٍ ذِي طَلَبْ.
وَإِنْ تَلاَ الْمَعْطُوفُ فِعْلاً مُخْبَرَا: إذا بُني الفعل على اسم غير (ما) التعجبية، وتضمنت الجملة الثانية ضميره، -ضمير الأول- الاسم الأول- زيد، أو كانت معطوفة بالفاء لحصول المشاركة رفعت أو نصبت على السواء، زيد قام وعمرو أكرمته؛ فيجوز رفع عمرو مراعاة للصدر، ونصبه مراعاة للعجز.
وَالرَّفْعُ فِي غَيرِ الَّذي مَرَّ رَجَحْ.
غَيرِ الَّذي مَرَّ: من قوله: وَالنَّصْبُ حَتْمٌ، وَإِنْ تَلاَ الْمَعْطُوفُ، ثم هنا: وَإِنْ تَلاَ الْمَعْطُوفُ، إن لم يكن من هذا ولا ذاك حينئذٍ الرفع رجح، يجوز الوجهان مع ترجيح الرفع، هذا مثل: سِوَاهُمَا الْحَرْفُ، إن لم يوجد ما يقتضي وجوب النصب أو ترجيح النصب أو ترجيح الرفع أو وجوب الرفع حينئذٍ الرفع أرجح، مثل: زيد ضربته، ضربته هذا ليس واحداً من المسائل السابقة، الصورة هذه زيد ضربته؛ ليست واحدة من المسائل السابقة وحينئذٍ نقول: يجوز فيه الوجهان، زيداً ضربته، ضربت زيداً ضربته، وزيدٌ ضربته، زيدٌ: مبتدأ، وضربته: الجملة خبر، وأي الوجهين أرجح؟ الرفع، لماذا؟ لأن النصب يقتضي التقدير، وعدم التقدير أولى من التقدير، وحينئذٍ نرجع إلى هذه القاعدة، وهذه القاعدة ما أكثر ما يستدل بها لكنها ليست مطردة، بل قد يكون التقدير أولى من عدم التقدير على حسب المعنى والسياق، هذه القواعد كلها ينبغي أن نعلم أنها محكومة بعلم البيان، فما ترجح هناك من جهة المعنى أنه أولى من غيره حينئذٍ نقول: التقدير أولى من عدم التقدير، فمثله: زيد ضربته؛ هذا يكاد يكون اتفاقاً أن الرفع هنا أرجح، لكن لو جاء حينئذٍ النصب: ((وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ)) [الإسراء:13] هذا من أي الأنواع؟ ((وَكُلَّ إِنسَانٍ)) أَلْزَمْنَا: مثل ضرب، ليس بفعل طلب، ولم يقع ما يغلب إِيلاَؤُهُ الفعل، ولم يكن بالعاطف المذكور: قام زيد وعمْراً أكرمته، إذاً: لا هذا ولا ذاك، ليس مما يختار فيه النصب، هذه مسائل محفوظة أمثلة، وما عداها يبقى على الأصل.