وَالنَّصْبُ حَتْمٌ يعني: الحالة الأولى التي يجب فيها النصب, وَالنَّصْبُ حَتْمٌ متى؟ قال: إِنْ تَلاَ السَّابِقُ مَا يَخْتَصُّ بِالْفِعْلِ.

إِنْ تَلاَ السَّابِقُ: يعني وقع الاسم السابق بعد أداة تختص بالفعل, وما اختص بالفعل لا يجوز أن يكون ما بعده مرفوعاً, فلا بد أن يكون منصوباً, فحينئذٍ تعين أن يكون الاسم السابق منصوباً، إذا تلا هذا الاسم أداةً تختص بالفعل, هذه الحالة الأولى وهي وجوب النصب, أن يقع الاسم السابق بعد أداة لا تدخل إلا على الفعل.

وَالنَّصْبُ حَتْمٌ: النَّصْبُ مبتدأ, وحَتْمٌ خبر, واجب يعني, -الحتم والواجب والفرض بمعنى واحد-، متى؟ (إِنْ) هذا قيد شرط ليس مطلقاً, وَالنَّصْبُ حَتْمٌ إِنْ تَلاَ يعني: تبع الاسم السَّابِقُ, السَّابِقُ فاعل تلا (مَا) اسم موصول بمعنى الذي, أداة أو شيئاً يَخْتَصُّ.

(ما) قلنا مفعول به, يَخْتَصُّ بِالْفِعْلِ الجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول, أين جواب الشرط؟ فـ: النَّصْبُ حَتْمٌ، إِنْ تَلاَ السَّابِقُ مَا يَخْتَصُّ بِالْفِعْلِ فَالنَّصْبُ حَتْمٌ، فالنصب واجب, دل عليه الجملة السابقة.

كَإِنْ وَحَيْثُمَا, والذي يختص بالفعل أربعة أنواع, مثل الناظم لواحد منها, كَإِنْ وَحَيْثُمَا, وهو أدوات الشرط.

إذاً: أدوات الشرط مما يختص بالفعل مطلقاً, قد يكون بعدها ماض وقد يكون بعدها مضافاً, ليس كل أدوات الشرط تكون عاملة.

وأدوات التحضيض, وأدوات العرض, وأدوات الاستفهام غير الهمزة, هذه أربعة أنواع تختص بالفعل, نحو: إن زيداً لقيته فأكرمه, إن زيداً لقيته زيداً لقيته, لو قلت: زيدٌ لقيته هذا من باب زيد ضربته مثله، إذاً من باب الاشتغال أو لا؟ اسم متقدم تلاه فعل اشتغل بضمير لقيته, ضمير يعود على اسم متقدم لو أسقطناه لتفرغ للاسم السابق فنصبه على أنه مفعول به, لقيت زيداً, زيداً لقيته.

هنا سبق الاسم (زيداً)، سبقه إن الشرطية, فحينئذٍ وجب أن يكون الاسم التالي لإن منصوباً، لماذا؟ لأننا لو رفعناه لجوزنا وقوع الجملة الاسمية بعد إن الشرطية, وهو ممتنع, لا يجوز أن يقع بعد أدوات الشرط الجملة الاسمية، بل لا بد أن يكون جملة فعلية, فحينئذٍ يتعين النصب فتقول: إن زيداً لقيته فأكرمه, فأكرمه هذه جملة الجواب.

إن زيداً لقيته هذا واجب النصب, حينئذٍ تقول: زيداً مفعول به لفعل محذوف وجوباً يفسره الفعل المذكور إن لقيت زيداً لقيته.

وحيثما عمراً لقيته فأهنه, عمراً لقيته مثل السابق, وهلا بكراً ضربته, وأين زيداً وجدته، وألا زيداً أكرمته, (ألا) حرف تحضيض, حينئذٍ نقول: زيداً هذا منصوب بفعل محذوف وجوباً, فالنصب هنا حتم واجب, لماذا؟ لأن الاسم المتقدم تلا –تبع- ما يختص بالفعل, فلا يجوز رفع الاسم السابق على أنه مبتدأ؛ لأنه لو رفع حينئذٍ لخرجت هذه الأدوات عما وضعت له من الاختصاص بالفعل, والاختصاص بالفعل يرفعه، رَفعُ الاسم على أنه مبتدأ, لكن نقول: يجوز أن يقال: إن زيد لقيته, امتنع الرفع على الابتداء؛ لأنه تلا أداة الشرط فإذا تلاها حينئذٍ أخرجناه عن ما وضعت له في لسان العرب, وهو إن لا يتبعها إلا الفعل, لكن لو رفعناه على أنه فاعل لفعل محذوف هل خرجت إن عن وضعها في لسان العرب؟ لا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015