الثاني: أن يكون متقدماً, فإن تأخر حينئذٍ نقول: ليس من باب الاشتغال, (ضربته زيداً) , (زيداً) هذا يجوز فيه وجهان, إما النصب وإما الرفع, إن رفعته جعلته مبتدأً متأخراً, والجملة قبله خبر, (ضربته زيدٌ) , الأصل: (زيدٌ ضربته) , قدمت وأخرت المبتدأ عن الخبر, أو قدمت الخبر على المبتدأ, (ضربته زيداً) , (زيداً) نقول هذا بدل من الضمير؛ لماذا لا يكون من باب الاشتغال؟ نقول: لا يصح؛ لأن شرط الاشتغال أنه يكون متقدماً, أن يكون الاسم المشغول عنه متقدماً, فإن تأخر خرج عن باب الاشتغال.
الثالث: قبوله للإضمار, -يعني: يرجع إليه ضمير, ليس كل اسم يصح أن يرجع إليه ضمير- قبوله للإضمار, فلا يصح الاشتغال عن الحال والتمييز والمصدر المؤكد والمجرور بما لا يجر المضمر كـ (حتى) هذه كلها نقول: لا يصح الاشتغال عنه؛ لأنها لا تقبل الإضمار.
الرابع: أن يكون مفتقراً لما بعده, فليس من الاشتغال: (في الدار زيد فأكرمه) , لا نقول: (زيد) هنا من باب الاشتغال وإن تقدم؛ لأنه ليس مفتقراً لما بعده, يمكن أن يقال: (في الدار) خبر, و (زيد) مبتدأ, (فأكرمه) هذه جملة مستأنفة, ولكن (زيداً ضربته) , (زيداً) لوحده هكذا لا يمكن أن يكون كلاماً لوحده, بل لا بد أن يكون متمماً له ما بعده, حينئذٍ صار مفتقراً.
إذاً: الشرط الرابع في المشغول عنه: كونه محتاجاً ومفتقراً لما بعده, فليس من الاشتغال: (في الدار زيدٌ فأكرمه).
الخامس: كونه مختصاً لا نكرة محضة, من بابٍ أولى أن يكون معرفة؛ لأنه إذا رفع ليس له إلا محل واحد وهو الابتداء, فلو كان نكرة محضة ورفع بالابتداء, قلنا: لا يصح (رجلاً فأكرمه) , لا يصح أن نقول: هذا من باب الاشتغال؛ لأنه لا يصح أن يقال: (رجل فأكرمه)؛ لأن (رجلٌ) هذا لا يبدأ به, حينئذٍ لا بد أن يكون معرفة أو نكرة مختصة؛ لأنه لو رفع لرفع على الابتداء, وما يكون نكرة محضة لا يصح أن يقع مبتدأ.
ليصح رفعه على الابتداء, ولذلك إذا تعين نصبه, بعضهم يرى أنه لا يكون من هذا الباب كما سيأتي.
فنحو: (رجلاً أكرمته) تعين فيه النصب, ومثلها: ((وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا)) [الحديد:27] (رَهْبَانِيَّةً) هذا نكرة لا يمكن أن يكون مبتدأً يعني: لا يجوز فيه الوجهان, الذي هو باب الاشتغال, باب الاشتغال لا بد من تجويز الوجهين, الرفع على الابتداء والنصب على المفعولية, فإن تعين رفعه سيأتي أنه ليس من باب الاشتغال, وإن تعين نصبه كذلك فيه قولان: هل هو من باب الاشتغال أو لا؟
(رَهْبَانِيَّةً) نقول هنا يتعين نصبه؛ لأنه لا يصح رفعه, لأنه لو رفع لرفع على أنه مبتدأ وهذا نكرة, والنكرة لا تقع مبتدأً, هذه خمسة شروط لا بد من توفرها في المشغول عنه.
وأما شروط المشغول وهو الفعل, فاثنان: