إذاً: عمل في ضمير ذلك الاسم المتقدم , أو في سببيه, المراد به أن يعمل في اسم ظاهر مضاف إلى ضمير يعود إلى الاسم المتقدم, (زيداً ضربت أخاه) , (ضربت): فعل وفاعل, و (أخاه): هذا مفعول به, وهو مضاف والضمير مضاف إليه, أين مرجع الضمير؟ زيد الذي هو الاسم المتقدم, هل عمل فيه ضرب؟ لا لم يعمل فيه مباشرة, وإنما عمل في اسم ظاهر, وذلك الاسم الظاهر قد عمل في الضمير العائد للاسم المتقدم, هذا يسمى سببياً عندهم, إذا كان العامل قد عمل في اسم ظاهر, وهذا الاسم الظاهر قد أضيف إلى ضمير يعود إلى الاسم المتقدم يسمى سببياً.
ولذلك قال: أن يتقدم اسم ويتأخر عنه فعل, قد عمل في ضمير ذلك الاسم أو في سببيه, إما مباشرة وإما أن يكون الضمير مضافاً إليه, والفعل قد عمل في المضاف, ولذلك قال: وهو المضاف إلى ضمير الاسم السابق, مثاله: (زيداً ضربته) , نقول: (زيداً) هذا يجوز فيه وجهان: الرفع والنصب, الرفع على أنه مبتدأ, والجملة التي تليه في محل رفع خبر, والنصب على أنه مفعول به لفعل محذوف وجوباً, يفسره الفعل المذكور الذي لفظ به, ولذلك قال: اشْتِغَالُ العَامِلِ, أي عامل؟ ضربته, عَنِ المَعْمُولِ, اشتغل عنه بالضمير أو بالاسم الظاهر المضاف إلى الضمير.
اشْتِغَالُ العَامِلِ المراد بالعامل هنا الفعل المفسر, عَنِ المَعْمُولِ يعني المشتغل عنه, وهو الاسم المتقدم.
إذاً: عندنا في هذا التركيب (زيداً ضربته) عندنا أركان ثلاثة: مشغول عنه, وهو الاسم المتقدم، ومشغول وهو العامل نصباً أو رفعاً, وهو الفعل المتأخر، ومشغول به وهو الضمير الذي تعدى إليه الفعل بنفسه, نحو: (زيداً ضربته) , أو بالواسطة (زيداً مررت به) , أو بالواسطة سواء كان حرف جر أو كونه قد عمل في اسم ظاهر, وذلك الاسم الظاهر مضافاً إلى الضمير, هذه ثلاثة أركان, لابد من وجودها فيما يصح أن يحكم عليه بأنه من باب الاشتغال:
أولاً: مشغول عنه، ثانياً: مشغول، ثالثاً: مشغول به, لكل واحد من هذه الثلاثة الأركان شروط, لا يصح هكذا مطلقاً, وإنما لا بد من شروط, أما الشروط المتعلقة بالاسم المتقدم وهو المشغول عنه فخمسة عند النحاة مشهورة:
أولاً: أن يكون واحداً لا متعدداً, واحداً إما باللفظ وإما بالمعنى, لأنه قد يتعدد في اللفظ دون المعنى, (زيداً وعمراً ضربتهما) , العطف هنا جعل الاثنين في معنى الواحد, حينئذٍ نقول: هذا غير متعدد, وإن تعدد في اللفظ إلا أن معناهما في المعنى واحد, (زيداً ضربته) , هذا هو الأصل, أن يكون واحداً, (زيداً وعمراً ضربتهما) , هذا جائز, كيف وهو متعدد في اللفظ؟ نقول: نعم, قد يتعدد في اللفظ دون المعنى, (زيداً درهماً أعطيته) , هذا لا يصح لكونه متعدداً في اللفظ والمعنى.
إذاً: الشرط الأول: أن يكون واحداً لا متعدداً, وهذا قلنا يدخل تحته ثلاثة أقسام:
إما أن يكون متعدداً في اللفظ والمعنى, وهذا ممنوع.
وإما أن يكون متعدداً في اللفظ لا في المعنى, مثل: (زيداً وعمراً ضربتهما) , نقول: هذا جائز.
وإما أن يكون واحداً ملفوظاً به؛ (زيداً ضربته) , نقول: هذا هو الأصل فيه, وأما (زيداً درهماً أعطيته) , نقول: هذا لا يصح.