الرابع: النائب ضمير عائد على المصدر المفهوم من الفعل وبه قال السهيلي، وهذا ضعيف أيضاً، الصواب: أنه الجار والمجرور معاً.
مذهب البصريين أن نائب الفاعل هو المجرور فقط، ومذهب المصنف -ابن مالك رحمه الله تعالى- كما في التسهيل والكافية أنه مجموع الجار والمجرور، ذكره في التسهيل وفي الكافية أنه مجموع الجار والمجرور، وهذا أصح.
وَقَابِلٌ مِنْ ظَرْفٍ أوْ مِنْ مَصْدَرِ ... أَوْ حَرْفِ
إذاً: أَوْ حَرْفِ جَرٍّ لابد من التقدير، لكن لا لنجعل كلام الناظم موافقاً لمذهب البصريين، وإنما من أجل أن يوافق كلامه في التسهيل وفي شرح الكافية، أو الكافية نفسها، حينئذٍ نقول: أَوْ حَرْفِ جَرٍّ، ظاهره أنه موافق لمذهب الفراء وهو باطل، حينئذٍ نقول: لابد من التقدير: أو مجرور حرف جر، حينئذٍ وافق مذهبه هو بأن النائب عن الفاعل الجار والمجرور معاً: بِنَيِابَةٍ حَرِى.
وَلاَ يَنُوبُ بَعْضُ هَذِي إِنْ وُجِدْ ... فِي اللَّفْظِ مَفْعُولٌ بِهِ وَقَدْ يَرِدْ
قال الشارح: أشار في هذا البيت إلى أنه إذا لم يوجد المفعول به أقيم الظرف أو المصدر أو الجار والمجرور مقامه، وشرط في كل واحد منها أن يكون قابلاً للنيابة، لكن ما ذكر أنه إذا لم يوجد المفعول، وهذا سينص عليه في البيت الذي سيأتي، إنما هذه تبرع بها في هذا المقام؛ لأنه سيأتي
فقول ابن عقيل: أشار في هذا البيت إلى أنه إذا لم يوجد المفعول به أقيم الظرف، نقول: هذا ليس من هذا البيت، إنما هذه حشوة أو تبرع بها، إنما بالبيت الذي يليه، وإنما أشار أن الظرف ينوب عن الفاعل إذا حذف، والمصدر كذلك ينوب والجار والمجرور كذلك ينوب عن الفاعل إذا حذف، ويشترط فيها –الثلاثة- أن تكون قابلة للنيابة، يعني: صالحة للنيابة، وما عدا ذلك لم يفد البيت شيئاً آخر.
وشرط في كل واحد منها أن يكون قابلاً للنيابة؛ لأنه علقه على وصف، والشيء المعلق على الوصف يأخذ حكمه طرداً وعكساً، حينئذٍ نثبت له قابلية بشرطه ونفيه عنها إذا لم توجد، فمتى ما كان صالحاً الظرف صحت نيابته، ومتى لم يكن نفينا عنه النيابة.