وأما الإضافة والتبعية والتوهم فكلها ضعيفة، كما يأتي في مواضعها، فحينئذٍ نقول: الصواب أنه خاص بالجر، مررت بزيد: حرف الجر، مررت بزيد، مررت: فعل وفاعل، والباء: حرف جر، وزيد: اسم مجرور بالباء، وجره كسرة ظاهرة على آخره، ما الذي أحدث هذه الكسرة؟ الباء، لماذا؟ لكونه عامل للجر.

جاء غلام زيد، غلام: فاعل مرفوع، وهو مضاف، وزيد: مضاف إليه، مجرور والثاني اجرر، ما العامل في زيد؟ فيه ثلاثة أقوال: أصحها أنه المضاف نفسه: غلام، هو الذي أحدث الكسرة في زيد لا الإضافة ولا اللام المقدرة المنوية، وهذان مذهبان ضعيفان كما يأتي في محله، قوله: بالجر، هل يشمل حرف الجر والكسرة .. هل يشمل العلامتين أم أنه خاص في واحد منهما؟ يشمل أو لا؟ يحتمل؟ وجه الاحتمال؟ بالجر الكسرة، قلنا: التي يحدثها عامل الجرِّ، إذاً: أدخلنا عامل الجر النوعين في الحد أو لا؟ أدخلناه.

إذاً قوله: بالجَرِّ، يشمل النوعين معاً، لكن هل يغني التنصيص على الجر مراداً به الكسرة عن التنصيص على حرف الجر أو لا؟ هذا محل خلاف، لماذا؟ لأن العلامات إنما تذكر للمبتدي كما يقال، وإذا كان كذلك حينئذٍ قد يدخل حرف الجر ولا يظهر أثره، مررت بزيد واضحة عند الصغير والكبير، لكن: مررت بذا، ذا: اسم إشارة لمفرد، اسم إشارة لمفرد مذكر، هل يظهر عليه أثر الحرف .. حرف الجر؟ الجواب: لا، حينئذٍ لو قال لمبتدئ أو سأل مبتدئ: مررت بذا، ما علامة اسمية ذا؟ الظاهر أنه حرف الجر، أين الكسرة؟ غير موجودة، مررت بالفتى وغلامي والقاضي، مررت بالفتى وبغلامي وبالقاضي، حروف الجر الداخلة على هذه الألفاظ الثلاثة أثرها غير ظاهر .. غير منطوق به، بل هو مقدر في الثلاث.

فحينئذٍ هل يغني التنصيص على الكسرة عن دخول حرف الجر؟ الظاهر أنه في مقام التعليم لا، لا بد أن يقال لهذه الكسرة: إما أن تكون حادثةً بحرف جر، فدخول حرف الجر حينئذٍ ولو لم يظهر أثره نطقاً هو علامة بحد ذاته، والكسرة إذا كانت ظاهرة حينئذٍ هي علامة بحد ذاتها، فهما علامتان مختلفتان؛ لأن المقام مقام تعليم للمبتدئ، هذا الأصل فيه، فحينئذٍ يقال: يعرف الاسم بالكسرة، ويعرف الاسم بدخول حروف الجر، ولذلك ابن آجروم عدها علامتين، أليس كذلك؟ يعرف بالخفض، ثم قال: وبحروف الجر، فهما علامتان مختلفتان، وهذا أظهر.

قولنا: الكسرة وما ناب عنها، هل يدخل فيه الفتحة التي تكون في الممنوع من الصرف، والياء التي تكون في الأسماء الستة، والمثنى، وجمع المذكر السالم، نحن قلنا: الجر هو الكسرة التي يحدثها عامل الجر، بعضهم قال: الكسرة وما ناب عنها، وكلا التعريفين صحيح، إلا أن الأول الكسرة التي يحدثها عامل الجر، نقول: هذا من باب تمييز الاسم عن أخويه الفعل والحرف، وأما ما ناب عن الكسرة فهو فرع، ولا يلزم من التمييز بالأصل أن يكون الفرع مثله، والفرع هنا محصور في شيئين: الفتحة والياء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015