وقدم معمول الصفة وهو بالجر على الموصوف تمييز للضرورة؛ لأنه يتمنع، كما يأتي في موضعه، وسهلها كونه جاراً ومجروراً، والمعنى عليه .. على هذا الإعراب: التمييز الحاصل بالجر كائن للاسم، التمييز الحاصل بالجر وما عطف عليه كائن للاسم، ويجوز أن يكون الخبر: الجملة، تمييز مبتدأ، وجملة حصل: هذه خبره، يعني: ليست صفة، وإنما هي خبر له.
وللاسم متعلق بتمييز، وبالجر: متعلق بحصل، هذا وجه والأول أولى.
ويجوز أن يكون الخبر بالجر، والجملة صفة لتمييز، وللاسم: متعلق بحصل، لكن أولى الإعرابات: أن يجعل تمييز: مبتدأ، وحصل: صفته، وللاسم: هذا خبر وبالجر متعلق بحصل.
هذه خمس علامات بدأها بالجر، وهل تقديم الجار والمجرور، هنا على المبتدأ والخبر؛ لأن الجملة تمت: للاسم تمييز حصل، الجملة تمت، قدم ما حقه التأخير، حصل بالجر، بالجر حصل، وعندنا قاعدة: أنه إذا قدم ما حقه التأخير قد يفيد الحصر، وهو: إثبات الحكم في المذكور ونفيه عما عداه.
وهو ذكر خمس أو ست علامات؛ لأن بالجر هذا يشمل حرف الجر والكسرة، حينئذٍ إما أن نعده وإما أن نجعله ضمناً، فحينئذٍ هل علامات الاسم مقصورة ومحصورة في هذه الست أو الخمس؟ الجواب: لا، إذاً: لماذا قدم الجار والمجرور على عامله؟ نقول: للاهتمام فحسب، ليس ثم قصر، وليس ثم حصر.
بالجَرِّ: هذا جار ومجرور متعلق بحصل، والجر المشهور أنها عبارة البصريين، والكوفيون يعبرون بالخفض، ما المراد بالجر أو الخفض؟ نقول: المراد به الكسرة التي يحدثها عامل الجر، الكسرة .. هل كل كسرة تكون علامةً على الاسمية؟ الجواب: لا، لماذا؟ لأنك تقرأ: ((قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً)) [المزمل:2] قم: لو كان مبتدئاً ظاهرياً لا يميز، لقال: قم: الميم مكسورة، هذا كسرة قد دخلت على: قم، إذاً: هو اسم، لماذا؟ لوجود الكسرة.
ونقول: هذه الكسرة ليست علامةً على الاسمية، لماذا؟ لأن هذه الكسرة لم تكن مقتضًى لعامل، يعني: لم يقتضيها عامل، يحدث الجر أو يحدث الكسر في آخر الكلمة؛ لأن الكسرة قد تكون أثراً لعامل وقد لا تكون، وسيأتينا معنى العامل ونحوه، فحينئذٍ إذا لم تكن أثراً لعامل لا تصلح أن تكون علامةً على الاسمية، ولذلك نقيد في الحد، نقول: الجر الذي يكون علامةً على اسمية الكلمة، ويختص الاسم به ولا يدخل غيره هي أو هو الكسرة التي يحدثها عامل الجر، احترازاً عن كسرة لا يحدثها عامل الجر.
لو قال: أمس الدابر، كسرة هذه؟ هل هي علامة على الاسمية؟ ليست علامةً على الاسمية، لماذا؟ لأنها مثل: قم، كسرة للتخلص من التقاء الساكنين، وهو مبني، وبني على الحركة؛ لأن له أصلاً في الإعراب، ولماذا كانت الحركة كسرة هنا؟ نقول: للأصل للتخلص من التقاء الساكنين.
حينئذٍ: أمْ .. سِ، السين: الأصل أنها تكون ساكنة:
وَالأَصْلُ فِي الْمَبْنِيِّ أَنْ يُسَكَّنَا
ولكن امتنع تلو ساكن لساكن، فحرك على الأصل للتخلص من التقاء الساكنين، إذاً: أمس الشاهد: أن الكسرة هذه ليست كسرة محدثة عن عامل جر، فحينئذٍ ينتفي كونها علامةً على اسمية الكلمة، إذاً: الكسرة التي يحدثها عامل الجر، ما هو عامل الجر؟ على الصحيح إما أن يكون حرفاً وإما أن يكون مضافاً، ولا ثالث لهما على المرجح.