هذا أولى، إذا جُعِل مرفوعاً يكون تقدير البيت: وَاجْعَلْهُ مِنْ مُضَارِعٍ كَيَنْتَحِي .. حينئذٍ كَيَنْتَحِي هذا متعلق بقوله: مُضَارِعٍ، مُنْفَتِحَا هذا مفعول ثاني، وإذا قيل: الْمَقُولِ فيبقى على ما ذكره الناظم رحمه الله تعالى.
إذاً: الماضي والمضارع إذا أريد صوغهما لنائب الفاعل حينئذٍ يضم الأول (فَ)، ثم ننظر إلى ما قبل الآخر فالماضي نكسره لفظاً أو تقديراً ويجوز لغةً تسكينه، وإذا كان معتل اللام جاز فتحه، فصار فيه ثلاث لغات، وما قبل المضارع يفتح ولو تقدير، وهذا محل وفاق والحمد لله.
وَالثَّانِيَ التَّالِيَ تَا الْمُطَاوَعَهْ ... كَالأَوَّلِ اجْعَلْهُ بِلاَ مُنَازَعَهُ
وهذا أيضاً محل وفاق.
وَالثَّانِيَ: يعني الحرف الثاني، هذا منصوب على الاشتغال، وهذا سيأتينا: إِنْ مُضْمَرُ اسْمٍ سَابِقٍ فِعْلاً شَغَلْ، اجْعَلْهُ الضمير هنا راجع إلى الثاني، لكنه نصبه حينئذٍ تعين أن يكون الأول من باب الاشتغال.
وَالثَّانِيَ: يعني اجعل الثاني، والمراد بالثاني هنا الحرف -الحرف الثان-ي.
التَّالِيَ تَا الْمُطَاوَعَهْ: تَا الْمُطَاوَعَهْ المراد بها حصول الأثر من الأول للثاني، قد تتصل بالفعل الماضي تاء تسمى تَا الْمُطَاوَعَهْ، والمراد بها قبول الأثر، أو حصول الأثر من الأول للثاني، يعبر بالحصول والقبول لا شك، هذا وذاك، يقال: حصول الأثر من الأول للثاني، أو قبول الأثر من فعل سابق وحصوله نتيجة لتأثيره، علَّمتُه فتعلم، علمته: حصل تعليم مني، فقبل العلم فتعلم، أما إذا لم يقبل لا يصح أن يقال: فتعلم؛ لأنه لم يقبله، كسَّرته فتكسَّر، إذاً تكسر حينئذٍ قلنا قبل الأثر، إذا لم يتكسر لا يقال: تكسر، إذا كسرت الزجاج كسرته كسرته تقول: كسّرته فتكسَّر، إذا لم يتكسَّر لا يصح أن يقال: تكسَّر، التاء هذه تدل على أن ثم تأثير من خارج لهذا المحل، فقبله ذلك المحل، إذا قبل وجاءت التاء، قلنا هذه تَا الْمُطَاوَعَهْ.
قال: وَالثَّانِيَ التَّالِيَ تَا الْمُطَاوَعَهْ: وتا المطاوعة هذه لا تتصل إلا بالفعل الماضي، وإذا كان كذلك خصصنا هذا البيت بالفعل الماضي لأنه لا تأتي في الفعل المضارع.
هذا في الماضي لا في المضارع؛ لأن تَّالِيَ تَا الْمُطَاوَعَهْ لا يكون ثانياً في المضارع بل ثالثاً فيه؛ لزيادة حرف المضارعة قبلها؛ لأنه قال: وَالثَّانِيَ، هذا لا يتصور في المضارع وإنما يتصور في الماضي فحسب.
وَالثَّانِيَ التَّالِيَ تَا الْمُطَاوَعَهْ: الذي يتلو تَا الْمُطَاوَعَهْ: حينئذٍ تَا الْمُطَاوَعَهْ تكون أولاً، وحكمها معلوم مما سبق فَأَوَّلَ الْفِعْلِ اضْمُمَنْ، الكلام الآن ليس في تَا الْمُطَاوَعَهْ، تَا الْمُطَاوَعَهْ داخل في قوله: فَأَوَّلَ الْفِعْلِ اضْمُمَنْ، حينئذٍ حكمها الضم؛ لأنها أول الفعل فَأَوَّلَ الْفِعْلِ اضْمُمَنْ مطلقاً، أي فعل ماضي سواء كان مجرداً كضرب، أو دخلت عليه تاء المطاوعة أو همزة الوصل كانفعل، أو استفعل .. كل فعل ماضي أوله مضموم، وتعلَّم وتكسَّر أوله التاء وهي تاء المطاوعة؛ إذاً ليس الحكم المراد به هنا تاء المطاوعة، وإنما المراد به الثاني الذي يتلوه.