يَنْتَحِي بإثبات الياء، يَنْتَحِي أصلها ينتحيا، حينئذٍ تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفاً فصار يَنْتَحِي، هذه ألف ويَنْتَحِي هذه ياء، نقول: تحركت الياء وانفتح ما قبلها فوجب قلبها ألفاً، حينئذٍ يَنْتَحِي هذا مضارع مبني للمعلوم، يَنْتَحِي هذا مضارع مغير الصيغة، والأولى أن يعبر في مثل هذا التركيب بمغير الصيغة وإن انتشر عند الكثير بأنه مبني للمجهول لسببين: أولاً: المبني للمجهول هذا فيه تخصيص لغرض واحد من أغراض حذف الفاعل؛ لأنه كما سبق حذف الفاعل ليس خاصاً بالمجهول، هل كلما حذف الفاعل معناه للجهل به؟ قلنا: قد يخاف من ذكره، قد يكون معلوماً ((خُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً)) معلوم هذا؟ مقطوع العلم هذا، لا خالق إلا الله، حينئذٍ ليس إذا قيل: مبني للمجهول فيه حصر لغرض حذف الفاعل في الجهل به، وهذا غلط ليس بصحيح، بل قد يحذف للعلم به، قد يحذف للخوف منه، قد يحذف لمصلحة ألا يصرح به، قد يحذف للتعظيم، للتحقير .. إلى آخره، ليس للجهل به.
ثم إذا جئنا في حكم شرعي وإذا جئنا نطبق مثل هذا الإعراب في بعض الآيات التي يكون فيها الرب جل وعلا هو الفاعل الذي حذف، هذا لا يجوز نقول: ((خُلِقَ الإِنسَانُ)) خُلِقَ مبني للمجهول! هذا لا يجوز، ولو اصطلح النحاة على هذا، لماذا؟ لأنه لا يدَّعى أن الله عز وجل مجهول، ((خُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً)) خُلِقَ، نقول: هذا فعل مبني للمجهول، أين المجهول؟ ليس عندنا مجهول، فلا يلتبس؛ لأنه كثير ما يقول النحاة مبني للمجهول! لا، نقول: مغير الصيغة، فعل ماضي مغير الصيغة، فعل مضارع مغير الصيغة، ومبني للمجهول هذه إن استعملت فرآها إنسان لا يستعملها في مثل هذه المواضع.
إذا كان المحذوف النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد من الصحابة مثلاً والقول منسوب إليه، أو الملائكة .. حينئذٍ نقول: لا، لا ينبغي بل لا يجوز أن يقول: مبني للمجهول؛ لأن التجهيل هذا صعب.
وَاجْعَلْهُ مِنْ مُضَارِعٍ مُنْفَتِحَا ... كَيَنْتَحِي الْمَقُولِ فِيهِ: الْمَقُولِ يجوز فيه وجهان: مَقُولِ على أنه نعت ليَنْتَحِي؛ لأنه قصد لفظه، كَيَنْتَحِي الأولى أن يجعل الكاف هنا داخلة على اسم، يَنْتَحِي هذا قصد لفظه، وإنما نقدر القول فيما إذا كان جملة، يعني لو قال: كَيَنْتَحِي زيد عمرو كقولك، أما إذا جاء بالفعل نفسه نقول: هذا قصد لفظه فصار علماً، فالكاف هنا داخلة على اسم، فلا نحتاج إلى التقدير.
كَيَنْتَحِي الْمَقُولِ: نعت له.
الْمَقُولِ فِيهِ: (فِيهِ) هذا نائب فاعل المقول، يعني اسم مفعول، يَنْتَحِي هذا محكي بالقول؛ لأن المقول والقول وما تصرف منه قلنا هذا يتعدى، هذا الأصل، حينئذٍ يكون نائب فاعل ليس فيه، وإنما ينتحى هو المحكي بالمقول.
ويجوز الْمَقُولِ فِيهِ يَنْتَحِي، الْمَقُولِ مبتدأ، ويَنْتَحِي هذا خبر، يجوز هذا ويجوز ذاك. الْمَقُولِ فِيهِ يَنْتَحِي، لكن إذا قيل: الْمَقُولُ بالرفع يكون الترتيب للبيت هكذا:
وَاجْعَلْهُ مِنْ مُضَارِعٍ كَيَنْتَحِي ... مُنْفَتِحَا الْمَقُولِ فِيهِ يُنْتَحَى