وكذلك الفعل: كقام ويقوم وقم وضرب ويضرب إلى آخره، فيحتاج أن يأتي بالقاموس كله من أجل أن يعرف الاسم أو الفعل تعريفاً بالمثال على جهة الاستقصاء، وإنما يذكرون مثالاً فحسب.

فالناظم هنا عرف الاسم بالعلامات:

بالجَرِّ وَالْتَّنْوِينِ وَالنِّدَا وَأَلْ وَمُسْنَدٍ: حصل تمييز للاسم بهذه المذكورات، والعلامات: جمع علامة وهي لغةً: الأمارة، الأمارة على الشيء، واصطلاحاً: ما يلزم من وجوده وجود المعلَّم، ولا يلزم من عدمه عدم المعلَّم، ولذلك: العلامة تطرد ولا تنعكس، بخلاف الحد.

ما يلزم من وجوده وجود المعلَّم، عندنا معلِّم ومعلَّم، الرجل .. الـ رجل، أين المعلِّم؟ أل، أين المعلَّم؟ كلمة: رجل، يلزم من وجود المعلِّم وجود المعلَّم، واضح؟ يلزم .. لا بد من وجود المعلِّم: أل، إذا وجدت: أل، لا بد أن يوجد المعلَّم، ما هو المعلَّم؟ رجل، نستدل بأل على كون رجل اسماً.

إذاً: ثبوت اسمية رجل لا بد أن تكون ثابتةً بعد: َأَلْ.

وهل يلزم من انتفاء المعلِّم انتفاء المعلَّم؟ لا، لا يلزم، لو قيل: رجل، جاءت: َأَلْ؟ ما جاءت: َأَلْ، هل انتفت: أل؟ نقول: انتفت: أل، هل انتفاء: أل، يستلزم انتفاء الاسمية لـ: رجل؟ لا يلزم، لماذا؟ لأنها لا تنعكس، لا يلزم من عدمها عدم المعلم، بل يلزم من وجودها وجود المعلم، ولذلك العلامة قاصرة، ليست كالحد.

الحد يشترط فيه: أن يكون مطرداً منعكساً بخلاف العلامة، ولكن العلامة أظهر وأوضح، وأقرب للذهن من الحد، ولذلك يعدل عنه كثير من النحاة .. يعدلون عن الحدود إلى العلامات، لسهولتها، ثم النطق بها يكفي في وجودها؛ لأنها من قبيل الملفوظ في الغالب، قد تكون علامة معنوية، لكن الغالب أنها ملفوظة، وأما الحقائق الذهنية فهذه في تصورها عسر.

إذاً: العلامة: ما يلزم من وجوده وجود المعلم، ولا يلزم من عدمه عدم المعلم، فيجب اطرادها، أي: وجود المعلم عند وجودها، ولا يجب انعكاسها، أي: انتفاؤه عند انتفائها، كلما وجدت: أل، لا بد أن يكون بعدها اسم، فإن لم يكن كذلك لا يصح جعل: أل علامةً على الاسمية، كلما وجدت: أل، لا بد أن يكون بعدها اسم، هل يتصور أن يكون بعدها فعل؟ لا .. هل يتصور أن يكون بعدها حرف؟ لا.

إذا وجد بعدها فعل حينئذٍ نرجع إلى العلامة فننقضها، ونقول: ليست بعلامة، ولذلك: أل المعرفة باتفاق أنها علامة، وأل الموصولة مختلف فيها، لماذا؟ لأنه سمع:

ما أنت بالحكم الترضى

ترضى: هذا فعل مضارع مغير الصيغة وقع بعد: َأَلْ، صحيح؟ وقع بعد: أل، هل نقول: أل هذه، علامة على الاسمية في قولنا: الضارب؟ هل نقول: هي علامة على الاسمية في قولنا: الضارب والمضروب؟ لأن أل هذه موصولة ليست معرفة، هي اسم، وفي الرجل: حرف، فحينئذٍ وجود: أل، مع الفاعل .. اسم الفاعل: الضارب والمضروب، هل يدل على اسمية ما بعدها؟ هذا ينظر فيه باعتبار دخولها على الفعل:

إن كان دخولها على الفعل: الترضى، دخولاً فصيحاً حينئذٍ صار نقضاً لكون الموصولة علامةً على الاسمية، وإن لم يكن كذلك بأن كان شاذاً أو ضرورةً، حينئذٍ بقيت الموصولية على أصلها في كونها علامةً على الاسمية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015