مَا بَرِئَتْ مِنْ رِيبَةٍ وَذَمِّ ... فيِ حَرْبِنَا إلاَّ بَنَات العَمِّ

مَا بَرِئَتْ مِنْ رِيبَةٍ وَذَمٍّ، جاء في الشعر تأنيثه مع الفصل بـ (إلا) وهذا مؤنث تأنيثاً حقيقياً.

إذاً: قول ابن مالك له أصل، ولذلك هو معتبر لكنه في قلة، نقول: نعم يجوز التأنيث مع الفصل بـ (إلا) ولو كان المؤنث تأنيثاً حقيقياً لكنه على قلة والحذف أجود من الإثبات، وخصه الجمهور بالشعر خاصة؛ لأنه سمع في الشعر فحسب، لكن قراءتان ثابتتان.

إذاً: وَالْحَذْفُ: يعني التأنيث إذا كان الفاصل (إلا) خاص بالشعر، نص عليه الأخفش، وجوزه ابن مالك رحمه الله تعالى في النثر والشعر، كما هنا.

وَالْحَذْفُ: هذا مبتدأ.

مَعْ فَصْلٍ: هذا متعلق بقوله: َالْحَذْفُ

بِإلاَّ: هذا جار ومجرور متعلق بفُضِّلاَ.

فُضِّلاَ: الجملة خبر المبتدأ والألف للإطلاق، يعني: فضل على الإثبات.

ثم قال:

والْحَذْفُ قَدْ يَأْتِي بِلاَ فَصْلٍ وَمَعْ ... ضَميرِ ذِي المْجَازِ فِي شِعْرٍ وَقَعْ

وهذا مخصوص بالشعر، يعني: لا يجوز على إطلاقه، حكى سيبويه: قال فلانة، هنا قال: أَوْ مُفْهِمٍ ذَاتَ حِرِ؛ هذا كله تخصيص لما سبق.

أَوْ مُفْهِمٍ ذَاتَ حِرِ

هل يقال: قام هند؟ لا يصح، حَكى سيبويه: قال فلانة، إذاً: أسقطت التاء مع المؤنث تأنيث حقيقي والفاعل ليس نِعْم وبئس وليس ثَمَّ فاصل لا (إلا) ولا غيرها، والأصل في مثل هذا التركيب وجوب التأنيث، هذا الأصل فيه، وحينئذٍ لو قيل بأنه سائغ ما وجب التأنيث، لو قلنا: قال فلانة؛ هذا قياسي، وحينئذٍ: أَوْ مُفْهِمٍ ذَاتَ حِرِ؛ نقول: نسقطه من أصله، نجعله في الجائز ولن نجعله في الواجب، ولكن نقول: هذا يسمع ولا يقاس عليه، فهو محفوظ.

أشار إليه بقوله: والْحَذْفُ، يعني حذف التاء من فعل مسند إلى ظاهر مؤنث حقيقي قَدْ يَأْتِي: قَدْ للتقليل، يَأْتِي مع الظاهر الحقيقي التأنيث بلا فَصْلٍ شذوذاً، قد يأتي شذوذاً لا بد من التقدير: والْحَذْفُ وَمَعْ ضميرِ ذِي المْجَازِ فِي شِعْرٍ وَقَعْ

وَمَعْ: يعني والحذف مع الإسناد إلى الضمير ذي التأنيث المجازي في شعر وقع، بمعنى: أنه إذا أسند الفعل إلى ضمير عائد إلى مؤنث مجازي قلنا: هذا يجب التأنيث، لكنه وقع في الشعر بدون تأنيث، قال الشاعر:

فَلا مُزْنَةٌ وَدَقَتْ وَدْقَها ... وَلاَ أَرْضَ أَبْقَلَ إبْقَالَهَا

وَلاَ أَرْضَ أَبْقَلَ؛ الأصل أن يقول: أبقلت بالتاء، مثل: الشمس طلعت، لكن نقول: هذا شاذ، يحفظ ولا يقاس عليه، بل يجب أنه إذا عاد الضمير إلى مؤنث مطلقاً وجب التأنيث.

وَلاَ أَرْضَ أَبْقَلَ: هذا أمكن تأويله بأن الضمير هنا عائد على محذوف، أي: ولا مكان أرض أبقل، إذاً: أمكن تأويله، فإذا أمكن تأويله حينئذٍ لا نأتي للقاعدة فنخدشها. والضمير في إبْقَالَهَا يكون للأرض، فأمكن تأويله.

إذاً: وَالْحَذْفُ قَدْ يَأْتِي بِلاَ فَصْلٍ؛ وذلك فيما إذا أسند الفعل إلى اسم ظاهر حقيقي التأنيث، مثل: قام هند، نقول: هذا قد يأتي في الشعر وهو شاذ، وما حكاه سيبويه: قال فلانة؛ شاذ يحفظ ولا يقاس عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015