كَأَبَتً هِنْدُ الأَذَى: أَبَتْ أبى امتنع، أَبَتْ هِنْدُ، هند هذا فاعل وهو مؤنث، وحينئذٍ نقول: تلحقه تاء تدل على أنه مؤنث، هذه التاء هي ميزة وعلامة للفعل الماضي، وهي خاصة بالفعل الماضي لا تدخل على الفعل المضارع، ولا تدخل على فعل الأمر، لا تلحق الفعل المضارع لاستغنائه بتاء المضارعة، وكذلك لا تدخل الأمر لاستغنائه بالياء في المفرد والنون في الجمع، قومي: الياء هذه للمؤنث، كذلك: قمن؛ النون هذه للمؤنث، فاكتفينا بالياء والنون عن إلحاقه بتاء التأنيث الساكنة، فهي خاصة بالفعل الماضي.

وَتَاءُ تَأنِيثٍ: قلنا: من إضافة الدال للمدلول، يعني: تدل على تأنيث مدخولها، والمراد هنا: تدل على تأنيث الفاعل، ولسنا في مقام ذكر الفعل بجعلها علامة، هنا تَاءُ تَأنِيثٍ أخص، المراد به: تاء تأنيث تدل على تأنيث الفاعل، وسبق في مقام العلامات قلنا: تاء تأنيث تدل على تأنيث المسند إليه، هناك نعمم وهنا نخصص، والأولى أن نخصص هنا، نقول: تاء تأنيث ساكنة أصالة فلا يضر تحريكها لعارض تدل على تأنيث الفاعل، وحينئذٍ هي خاصة به.

تَلِي المَاضِي: يعني تتصل بالماضي، -الفعل الماضي-، ومثله الوصف، لكن اللاحقة له حركتها حركة إعراب؛ لأنها ليست ساكنة بل هي متحركة، أقائمة هند، نقول: أقائمة هذا مبتدأ، وهو معتمِد على استفهام، وحينئذٍ ما بعده فاعل، فهند فاعل رفعه قائمة، ما حكم التأنيث هنا؟ نقول: لا بد من التأنيث، بماذا يؤنث؟ بتاء التأنيث الساكنة؟ لا، وإنما يؤنث بالتاء المتحركة المربوطة، نقول: أقائمة؛ التاء هذه تاء تأنيث، دلت على تأنيث الفاعل.

إذاً: تَلِي المَاضِي كذلك الوصف إذا رفع الفاعل، وحينئذٍ إذا تلت الماضي، تكون متأخرة عنه: قامت هند. وهل يؤنث الفعل المضارع؟ نقول: نعم يؤنث، ولكن التاء تكون فيه تاء المخاطبة التي هي تقوم -تاء الخطاب-، هذه الحرف -حرف المضارعة- أغنى عن استجلاب تاء زائدة على مجرد هذه التاء، لماذا؟ لأنك لو قلت: قومت تقومت هند يعني: جمع فيه علامتا تأنيث، وهذا ممتنع: أن يكون في اللفظ الواحد علامتان على مدلول واحد، فحينئذٍ إذا وجدت علامة متقدمة اكتفينا بها عن علامة مستجلبة.

وَتَاءُ تَأنِيثٍ: ساكنة.

تَلِي المَاضِي: وكان حقها ألا تلحقه؛ لأن معناها في الفاعل، إلا أن الفاعل لما كان كجزء من الفعل جاز أن يدل بالفعل على معنىً في الفاعل، كما جاز أن يتصل بالفاعل علامة رفع الفعل في الأمثلة الخمسة -هذا مثل ما ذكرناه يضاف إلى ما سبق-.

لماذا اتصلت تاء التأنيث بالفعل؟ هي لتأنيث الفاعل، حينئذٍ الأصل تتصل بالفاعل لا تتصل بالفعل، إذا قيل: قامت هند؛ هند هو الفاعل، والتاء هذه جاءت لتدل على أن الفاعل مؤنث، إذاً: الأصل تلحق المعمول، هذا الأصل، لماذا ألحقت بالعامل؟ لأن الفاعل كجزء من الفعل، كما ذكرناه، وهذا دليل ثالث يضاف إلى ما سبق.

كالنون التي تكون علامة للرفع في الأمثلة الخمسة، وهذا يدل على أن الفاعل كجزء من الفعل، وكأن الفاعل مع فاعله كلمة واحدة، ولذلك إذا أنث الفاعل جيء بعلامة اتصلت بالفعل، وهذا دليل على أنهما امتزجا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015