ذكرنا: أن القول عَمْ، بمعنى: أنه أعم مما ذكر، أو أنه عام، وحذفت الألف منه للضرورة، يعني: اسم فاعل، وكلا القول فيهما ضعف، والأولى أن يجعل على ظاهره فيقال: عم: فعل ماضي، حينئذٍ عم ماذا؟ عم الكلام والكلمة والكلم، دون اللفظ، فكل ما صدق عليه .. ... صدق، فكل ما صدق عليه أنه كلام فهو قول، وكل ما صدق عليه أنه كلم فهو قول، وكل ما صدق عليه أنه كلمة فهو قول، إذاً: هو أعم الجميع، يشمل كل ما ذكر بقدر مشترك بينها، لكن حينئذٍ نقول: العلاقة بين ما ذكر والقول العموم والخصوص المطلق؛ نعم العموم والخصوص المطلق؛ لأن القول هذا عام عموماً مطلقاً أعم من الكلام والكلم والكلمة.
قلنا لا بد من مادتين: مادة الاجتماع ومادة الافتراق، مادة الاجتماع سهلة، تأتي بكل ما يدل على أنه كلمة أو كلم أو كلام، لكن مادة الافتراق وهي افتراق الأعم عن الأخص، يعني: ما يصدق عليه أنه قول، ولا يصدق عليه أنه كلمة، ولا كلام ولا كلم، هذا يصدق على المركبات الإضافية: غلام زيد، هذا مركب إضافي، مركب من: غلام: وهو مضاف، وزيد: مضاف إليه، هل هو كلمة؟ فيه تفصيل:
على قول الأشموني والسيوطي هناك يعتبر كلمةً تحقيقاً، قلنا: هذا ضعيف، الصواب: أنه ليس بكلمة؛ لأنه مركب من كلمتين، وهو مضاف ومضاف إليه، هل هو كلام؟ الجواب: لا، لماذا؟ هل: غلام زيد كلام؟ الجواب: لا، لماذا؟
لا يفيد فائدة تامة، هذا صحيح، الجواب هذا صحيح من وجه، لكن هناك ما هو أقرب منه؟
نعم، انتفى الإسناد، لا بد في الكلام أن يكون مركباً، والمراد بالتركيب أن يكون مركباً تركيباً إسنادياً، لا بد من مسند ومسند إليه، أين المسند والمسند إليه؟ هذا لفظ واحد، غلام زيد .. جاء غلام زيد، صار مركباً، هذا أبو غلام زيد، صار مركباً، أما غلام زيد هكذا، وحيوان ناطق، وأحد عشر مركب عددي، وبعلبك، وحضرموت، نقول: هذه مركبات يصدق عليها أنها قول وليست بكلام لانتفاء التركيب، وهو الإسناد، وليست كلم من باب أولى وأحرى، وليست بكلمة كما ذكرناه، إذاً: ماذا يصدق عليها؟ أنها قول، فلا بد من مثال يصدق عليه أنه قول، ولا يصدق عليه بقية المذكورات، وهذا معنى العموم والخصوص المطلق، لا بد من مادتين، يعني: مثالين .. مصدقين .. مادة اجتماع ومادة افتراق.
وقوله: واحِدُهُ كَلِمَةٌ، قلنا: وكِلْمة: إسكان اللام هنا لا نقول: إنه ضرورة، لماذا؟ لأنه لغة، سبق معي في قوله: وهو بسبق، وهو: هذا الأصل، وفيه لغة بالتخفيف: وهْو، حينئذٍ إذا جاء في النظم ما يوافق لغته، ولو كان ضرورة، قد لا يستطيع أن يأتي: وكِلْمة، وكَلِمة، ينكسر معه الوزن، لكنه لجأ إلى لغة أخرى معتبرة وهي فصيحة، حينئذٍ لا يقال: إنه من باب الضرورة، ولو كان بالفعل أنه من باب الضرورة، لماذا؟ لحمل اللفظ على شيء صحيح؛ لأن الضرورة هذه خروج عن القياس .. خروج عن فصيح.