من قرأ؟ زيد، زيد قرأ. ومراد المصنف هنا المثال فقط، يعني يجوز أن يعرب زيد في هذا المثال فِي جَوَابِ مَنْ قَرَا فاعلاً، مع كونه مرجوحاً، والأرجح أن يعرب مبتدأً؛ لأن الأصل في الجواب أن يكون مطابقاً للسؤال، فإذا قدرت اسماً من عندك مثلاً (زيد) يحتمل أنه مبتدأ وفاعل، انظر في السؤال هل هو جملة فعلية أو جملة اسمية! لا بد أن يكون الجواب مطابقاً له، إن كان جملة فعلية قدرت فعلاً صار فاعلاً، وإن كان جملة اسمية قدرته مبتدأً حذف خبره، وحينئذٍ: من قرأ؟ قرأ من؟ من قرأ؟ من: مبتدأ اسم استفهام، وقرأ: خبر، زيد قرأ، هذا التقدير، هذا أفصح، زيد قرأ، فزيد مبتدأ، هذا أرجح.

وَالشَّأنُ لاَ يُعتَرَضُ المِثَالُ ... إِذْ قَدْ كَفَى الفَرضُ والاِحتِمَالُ

والشَّأنُ والحال عند أرباب التصنيف والعلم لاَ يُعتَرَضُ المِثَالُ، إذ قد يكفي الفرض والاحتمال، إِذْ قَدْ كَفَى الفَرضُ والاحتِمَالُ، ما دام أنه محتمل لأن يعرب فاعلاً فلا بأس، لكن نبين فقط.

وَيَرْفَعُ الْفَاعِلَ فِعْلٌ أُضْمِرَا ... كَمِثْلِ: زَيْدٌ فِي جَوَابِ سائلٍ مَنْ قَرَا؟

وكذلك في جواب نفي: ما حضر أحد، بلى زيد، ما حضر أحد اليوم، بلى محمد، فمحمد هنا فاعل وهو وقع في جواب نفي، وكذلك في جواب استفهام محقق، مثل: هل قام زيد؟ قام زيد نعم، من الذي قام؟ زيد، زيد ماذا يكون هنا مبتدأ أو فاعل؟ من الذي قام؟ هذا مثل من قرأ.

وأيضاً في الاستفهام المقدر: ((رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ)) [النور:37] رِجَالٌ، قالوا: هذا الأفصح فيه أن يعرب فاعلاً لفعل محذوف.

((يُسَبَّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ (36) رِجَالٌ)) [النور: 36، 37] يُسَبَّحُ على قراءة البناء للمفعول، ((يُسَبَّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ (36) رِجَالٌ)) كأنه قال: من المسبِّح؟ قال: رِجَالٌ، على ما ذهب إليه الناظم، فلا يصح جعل رجال نائب فاعل لأنهم مسبِّحون لا مسبَّحون، يُسبَّح له، رجال، رجال لا يصلح أن يكون نائب فاعل؛ لأنهم مسبِّحون، هم الفاعلون، وأما مسبَّحون هذا ليس هو شأن الرجال.

إذاً: رجال فاعل لفعل محذوف دل عليه استفهام مقدر، دل عليه: ((يُسَبَّحُ لَهُ)) فقال قائل: من يسبح له؟ فقال: رجال، أي: يسبح رجال.

إذا دل دليل على الفعل جاز حذفه، وهذه قاعدة عامة كما ذكرناه ولا نحتاج أن نعيدها دائماً، ما لا يدل عليه دليل الأصل لا يجوز حذفه إلا ما يستثنى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015