أجيب: بأنه يشمل المبتدأ وغيره، يعني: هذا غير جامع، أجيب: بأن قوله: فإن ظهر في المعنى أنه فاعل باعتبار الشروط السابقة ليس مطلقاً، وحينئذٍ لا بد من التأويل لئلا يتحد جواب الشرط مع فعل الشرط، ولذلك لما هناك في الحديث: {فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ} من كانت هجرته إلى الله ورسوله قصداً وعملاً، فهجرته إلى الله ورسوله ثواباً وأجراً، إذاً: اختلفا، لا بد من التقدير؛ لأن جواب الشرط لا يكون عين فعل الشرط، لأن الشيء يكون معلقاً على شيء مغاير لا على نفسه، إن جاء زيد جاء زيد، إن جاء زيد أكرمته، أما: إن جاء زيد جاء زيد، إن جاء عمرو جاء عمرو، نقول: هذا متحد، وحينئذٍ لا بد من المغايرة.

فَإنْ ظَهَرْ: يعني وجد في اللفظ ونطق به فهو ذاك، أي: الفاعل الاصطلاحي، مثل قام زيد، نقول: هذا ظهر في اللفظ، قام: فعل ماضي، وزيد: اسم صريح -نُطِق به-، وقام الزيدان، قام الزيدون، قامت هند، قمتُ، نقول: هذا ظهر في اللفظ.

وَإلاّ وإن لم يظهر في اللفظ لا بد أن يقدر، لأنه لا ينفك الفعل عن الفاعل، لأن الدلالة عقلية، وهنا اشترك النقل مع العقل، فنقول: الدلالة عقلية لا يمكن أن ينفك الفعل عن فاعل.

إن لم يظهر في اللفظ، فََضَمِيرٌ، فهو ضمير مستتر، وَإلاّ وإن لم يظهر في اللفظ، فََضَمِيرٌ، ضمير هذا خبر مبتدأ محذوف، يعني: فهو ضمير.

اسْتَتَرْ: هذا صفة له، نحو: قم، نقول: لم يظهر عندنا فاعل، لم ننطق بفاعل، أين الفاعل؟ نقول: هنا أسند الفعل إلى ضمير مستتر، وسبق معنا في أول الكتاب كَلاَمُنَا لَفْظٌ، قلنا: اللفظ هو الصوت المشتمل على بعض الحروف الهجائية، قلنا هنا: لا بد أن ندخل الضمائر المستترة من أجل أن نحكم عليها أنها فاعل، نحن لا نحكم على فاعل إلا إذا كان اسماً صريحاً أو مؤول بالصريح، وهذه ليست باسم، فحينئذٍ لا بد من التأويل والتكلف والتعسف حتى ندخل هذه الألفاظ.

فـ قم نقول فيه: ضمير مستتر؛ لأنه وإن لم يكن لفظاً منطوقاً به إلا أنه في قوة اللفظ، فهو صَوْتٌ مُصَوَتٌ بالقوة وليس بالفعل، إذ اللفظ منه ما هو أفراد محققة وأفراد مقدرة، هكذا قيل.

قم وزيد قام، قام هو، وهند قامت، يعني هي، وحينئذٍ إذا لم يوجد لفظ يصح أن يكون فاعلاً اصطلاحياً لا بد من التقدير، لكن لا بد من التقدير على المواضع السابقة، متى نقول واجب الاستتار ومتى نقول جائز الاستتار ومتى نحكم عليه بأنه ضمير بارز ومتى نحكم عليه بأنه ضمير مستتر!

إذاً:

وَبَعْدَ فِعْلٍ فَاعِلٌ فَإِنْ ظَهَرْ ... فَهْوَ وَإِلاّ فََضَمِيرٌ اسْتَتَرْ

قال الشارح: حكم الفاعل التأخر عن رافعه، وهو الفعل أو شبهه نحو: قام الزيدان، وزيد قائم غلاماه، غلاماه هنا فاعل لقائم، وقام زيد، ولا يجوز تقديمه على رافعه، الزيدان قام لا يصح، ولا الزيدون قام لا يصح، بل لا بد أن تقول: الزيدان قاما بالألف، والزيدون قاموا بالواو، ولا زيد قام على أن يكون زيد فاعلاً مقدماً، بل على أن يكون مبتدأً، التركيب صحيح، لكن من جهة كونه مبتدأً لا فاعلاً.

والفعل بعده رافع لضمير مستتر، زيد قام هو، هذا مذهب البصريين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015