أسند إليه فعل، بعضهم قيده بكونه تاماً احترازاً من: كان زيدٌ، احترازاً من اسم كان؛ لأن كان ترفع المبتدأ، حينئذٍ زيدٌ بعد كان هذا اسم صريح أسند إليه فعل، لكنه ليس بتام، بل هو ناقص، هكذا قال الكثير؛ وفيه نظر لأن كان لا تدخل على المفرد، وإنما تدخل على الجملة، فحينئذٍ كان أسندت إلى مضمون الجملة لا إلى زيد، ليست مسندة إلى زيد، فحينئذٍ لا نحتاج إلى الاحتراز عن اسم كان؛ لأنه ليس داخلاً معنا أصلاً، لم يدخل في الحد؛ لأن كان ما بعدها -الاسم المرفوع- هو جزء من مدخولها، وليس هو كل المدخول، حينئذٍ تقول: زيدٌ قائمٌ أردت تقييد الخبر للموصوف وهو المبتدأ المخبر عنه كونه في الزمن الماضي، فقلت: كان زيدٌ قائماً:
وَنَحْو كُنْتُ قَائِمَاً كَانَ الَّذِيْ ... قَيَّدَتْ الْمَنْصُوْبَ لاَ الْعَكْسُ احْتُذِيَ
(كان) قيدت القيام بكونه وقع في الزمن الماضي، وليس العكس بكون قائماً هو الذي قيد (كان)، وهذا بحث بياني يأتي في محله، كُنْتُ قَائِمَاً كَانَ الَّذِيْ ... قَيَّدَتْ الْمَنْصُوْبَ، (كان) هي التي قيدت المنصوب لاَ الْعَكْسُ احْتُذِيَ فيه خلاف، لكن الصواب ما ذكره السيوطي في عقود الجمان.
إذاً: أسند إليه فعل تام، قال بعضهم تام، نقول: لا حاجة إلى وصف الفعل بالتمام؛ لأن كان وأخواتها لم تسند إلى الاسم حقيقة، وإنما أسندت إلى مضمون الجملة، فالاسم أسند إليه باعتبار اتصافه بالخبر، الاسم في باب كان أسند إليه باعتبار اتصافه بالخبر، وهذا معنى مضمون الجملة؛ لأن مضمون الجملة هو أن يأتي بالخبر مشتقاً ونضيفه إلى الاسم، على ما ذكرناه في الاشتقاق.
أسند إليه فعل: نقول: مطلقاً، الإسناد هنا مطلقاً، سواء كان على وجه الإثبات، أو على وجه النفي أو على وجه التعليق أو الإنشاء؛ لأن الأصل في الفاعل أن يصدق عليه إحداث، حدث يوجد شيء، فإذا قلت: لم يضرب زيدٌ أسند إليه فعل من حيث الإيجاد؟ الإثبات؟ ليس فيه إثبات ليس عندنا ضرب، ضرب زيدٌ ضرب، وقع منه الضرب، حينئذٍ أسند إليه على جهة الإثبات، هذا واضح ودخوله لا إشكال فيه، لكن لم يضرب زيدٌ عمراً، لم يحصل ضرب أصلاً، فكيف نقول: فاعل ومفعول؟! اصطلاح، هذا من قبيل الاصطلاح، وإلا ليس عندنا فاعل ولا مفعول، لم يضرب زيدٌ عمراً، ما حصل ضرب والحمد لله، ليس عندنا ضارب ولا مضروب، حينئذٍ الإسناد هنا إسناد بالنفي، وله توجيه يأتينا في باب المفعول به.
إذاً: دخل معنا الإسناد إذا كان على وجه النفي، أو التعليق: إنْ ضرب زيدٌ عمراً عاقبته، هنا حصل فعل من الفاعل، لكنه على جهة التعليق فهو قريب من الإثبات والنفي.
أو الإنشاء: هل قام زيدٌ؟ استفهام، هل قام زيدٌ نقول: هذا استفهام لم يقع لم يحصل، هذا الأصل فيه أنه يقع في المستقبل.