الأول: (أنَّ)، و (أنْ) التي تدخل على الفعل المضارع، وكذلك الثالث (ما) المصدرية، وأما (كي) و (لو) فيمتنعان، أما امتناع كي؛ لأنها لا تكون مصدرية إلا إذا سبقت بـ (لا) لفظاً أو تقديراً، فحينئذٍ إذا سبكت مع ما بعدها بمصدر وجب أن يكون هذا المصدر مجروراً، جئت لكي أكرمك، نقول: هذا يؤول بمصدر، لكن لا يمكن أن يكون فاعلاً؛ لأنك لو أولته بمصدر، قلت: جئت لإكرامك، جررته باللام الملفوظ بها أو المقدرة، إذاً: صار مجروراً، فكل (كي) المصدر بعدها يكون مجروراً، والفاعل لا يكون مجروراً البتة، إذاً: امتنع أن تكون (كي) في محل فاعل.

وأما لو فالغالب المطرد أنها تأتي بعد وَدَّ أو يَوَدُّ، وود أو يود يطلب مفعولاً به ((وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ)) [آل عمران: 69]، ودوا إضلالكم، وقع مفعولاً به منصوب.

إذاً: المصدر المنسبك من (لو) وما بعدها لا يقع إلا منصوباً هذا في الغالب المطرد؛ لأنه يقع بعد ود ويود، وهذان يطلبان مفعولاً به لا فاعلاً، إذاً: يمتنع أن يكون الفاعل منسبكاً من كي وما بعدها ولو وما بعدها، فاقتصرنا على الثلاث الأُوَل وهي المتفق عليها، وهي: أ (نَّ)، و (أنْ)، و (ما) المصدرية.

اسم صريح أو مؤول بالصريح، مؤول بالصريح، آل الشيء يؤول بمعنى أنه رجع، فإذا قلت: ((أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا)) [العنكبوت:51]، نقول: هذا ليس هو عينه فاعل، وإنما كونه يرجع إلى اسم صريح والاسم الصريح هو الفاعل، وإلا الذي تلفظ به -أَنَّا أَنْزَلْنَا- ليس هو الفاعل، بل هو جملة، لكن مآل هذه الجملة أن ترجع إلى اسم صريح، فإذا عرفت حينئذٍ الاسم الصريح المصدر المنسبك من (أنَّ) وما دخلت عليه حينئذٍ نقول: هذا هو الفاعل، أما اللفظ نفسه لا تقل فاعل، وإلا لو كان كذلك لقلنا: اسم يشمل الجملة، فإذا صح قصدها لفظاً أنها فاعل لصح وقوع الجملة فاعلاً، ونحن نمنع نقول: بل لابد أن يكون اسماً، فإذا جاء يعجبني أن تذهب، أن تذهب ليست هي الفاعل، تنفي، تقول: ليست بفاعل، هي عينها لفظها ليست بفاعل، لكن تؤول إلى كونها فاعلاً، والشيء إذا آل إلى الشيء كان غيره ليس هو عينه.

أسند إليه فعل: بمعنى أنه مسنداً إليه، والفعل مسند، هذا أخرج المبتدأ؛ لأن المبتدأ لا يسند إليه فعل؛ لأن المبتدأ: زيدٌ قائمٌ، زيدٌ اسم صريحٌ ((وَأَنْ تَصُومُوا)) [البقرة:184]، اسم مؤول بالصريح، إذاً: دخل معنا المبتدأ.

أسند إليه فعل، أخرج المبتدأ؛ لأن المبتدأ لا يسند إليه فعل، وإنما يسند إليه اسم مفرد أو جملة، اسم مفرد: زيدٌ قائم، زيدٌ أخوك، فصار زيد مسنداً إليه، والفاعل كذلك مسندٌ إليه، قام زيدٌ، زيدٌ مسند إليه، والمبتدأ مسند إليه، إذاً: اشتركا في كون كل منهما مسنداً إليه، إلا أنهما افترقا: أن الفاعل أسند إليه مسند يكون فعلاً، وأما المبتدأ فيسند إليه ما ليس بفعل، إما مفرد وإما جملة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015