إذاً: الثَّانِ من باب علم بمعنى عرف ورأى البصرية الثَّانِ مِنْهُمَا لا يأخذ حكم الثاني من باب علم، وإنما يأخذ حكم الثاني من باب كسا وأعطى، والفرق بين البابين واضح، أن الثاني في باب علم هذا عمدة أصله خبر، وأما الثاني من باب كسا وأعطى لا، أصله فضلة، فرق بين النوعين، فذاك عمدة، وهذا مثل: ضربت زيداً، زيداً هذا يجوز حذفه، حينئذٍ فرَّق الناظم بينهما، (وَالثَّانِ مِنْهُمَا) أي: من هذين المفعولين، (وَالثَّانِ) أي: المفعول الثاني، (مِنْهُمَا) من هذين المفعولين، من باب علم بمعنى عرف ورأى بمعنى أبصر، (كَثَانِ) هذا خبر، (كَثَانِ اثْنَيْ مفعولي كَسَا)، وبابه من كل فعل يتعدى إلى مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر كما ذكرناه، (فَهْوَ) أي: الثاني هذا (بِهِ)، بالثاني من مفعولي باب كسا فِي كُلِّ حُكْم ٍذُوْ ائْتِسَا، يعني: ذو اقتداء، فيمتنع أن يُخبَر به عن الأول، لا تنحل الجملة فيخبر به عن الأول، ويجوز الاقتصار عليه وعلى الأول، ويمتنع الإلغاء، وجوز بعضهم الإلغاء في مسألة استثناها، قيل: إلا في التعليق، فقد يعلق المفعول الثاني من باب علم العرفانية، ورأى البصرية: ((رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى)) [البقرة:260]، (رَبِّ أَرِنِي)، رأى هنا بصرية، (أَرِنِي) يريد الرؤيا، ((وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي)) [البقرة:260]، ((رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى))، ((أَرِنِي)) الياء هذه مفعول أول، ((تُحْيِ الْمَوْتَى)) [البقرة:260] تُحْيِ، هذه مفعول ثاني، أين وقعت الجملة كيف؟ وقعت بين الفعلين، قال بعضهم: إن هذا تعليق، وهذا محل إشكال، ولذلك الناظم أطلق ولم يستثن شيئاً، بمعنى أن بعضهم يرى أن التعليق قد يدخل الثاني في باب رأى وعلم إذا تعدت إلى اثنين وكانت رأى بصرية وعلم عرفانية، على كلٍ أذكره من باب ذكر الشيء: ((أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ)) [الفيل:1]، والناظم رحمه الله تعالى أطلق ذلك.