والْتَزِمِ التَّعلِيقَ، والتُزمَ التعليقُ، والتَزمِ التعليقَ يجوز فيه الوجهان: والْتَزِمِ التَّعلِيقَ أولى؛ لأنه هو ظاهر كلام الناظم دائماً يأتي بهذا: والْتَزِمِ إذاً: وهو واجب ليس كالإلغاء، فالتعليق واجب، إذا وجد سببه، والإلغاء جائز إذا وجد سببه.
والْتَزِمِ التَّعلِيقَ عن العمل في اللفظ: إذا وقع الفعل قبل شيء له الصدر، وما هو هذا الذي له الصدر؟ ذكر الناظم ستة أشياء فقط: (ما وإن ولا) النافيات، ثلاثة، و (لام الابتداء) أربعة، (لام القسم) خمسة، (الاستفهام)، هذه ستة أشياء إذا أحالت بين العامل والمعمول صار من باب التعليق، لمَ علق؟ لأن هذه لها صدر الكلام، لماذا؟ لأنه لا يعمل ما قبلها فيما بعدها، فلما أبطل عملها في اللفظ أرجع وأحيل إلى المحل.
والْتَزِمِ التَّعلِيقَ قَبْلَ نَفْيِ مَا: (ما) النافية، ظننتُ ما زيدٌ قائمٌ، ظننتُ: فعل وفاعل، و (ما) نافية، زيدٌ قائمٌ: هذا نقول: من باب التعليق وليس من باب الإلغاء، فهو مبتدأ وخبر، تعربه، تقول: زيدٌ مبتدأٌ وقائمٌ خبر، والجملة في محل نصب مفعولي ظننتُ.
((لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاءِ يَنطِقُونَ)) [الأنبياء:65]، ((هَؤُلاءِ يَنطِقُونَ))، هَؤُلاءِ: مفعول أول في الأصل، ويَنطِقُونَ: الجملة في محل نصب مفعول ثاني، دخلت (ما) -وإن كان لا يظهر الإعراب؛ لأن هؤلاء مبني-، ((لَقَدْ عَلِمْتَ مَا)) مَا: هذه نافية، أحالت بين علِم والمفعولين، حينئذٍ نقول: ((عَلِمْتَ)) فعل وفاعل، مَا هذه نافية، ((هَؤُلاءِ يَنطِقُونَ)) الجملة الاسمية في محل نصب مفعولي علم.
إذاً: إذا تلا (ظنَّ) (ما) النافية صار من باب التعليق، و (إن) النافية كذلك، سواء كانت عاملة أو مهملة: ظننتُ إن زيدٌ قائمٌ، يعني: ما زيدٌ قائمٌ، حينئذٍ الإعراب كالإعراب السابق.
وقدَّر بعضهم: أنها لا تكون معلِّقة إلا إذا كانت في جواب قسم: (إِنْ وَلاَ)، لكن الكثير على الإطلاق، قدرها ابن هشام هكذا في التوضيح، قال: (إِنْ وَلاَ) النافيتان، إنما تكونا معلِّقتين إذا كانتا في جواب قسم، لكن هذا الظاهر ليس بشديد.
و (إِنْ) يعني: سواء كانت عاملة أو مهملة، و (لاَ) كذلك سواء كانت عاملة عمل ليس أو عمل (إنَّ) أو كانت مهملة مطلقاً، كل (لاَ) النافية عملت أو لا، عملت عمل ليس أو عمل (إنّ)، فهي مما لها حق الصدارة، فإذا تلت حينئذٍ (ظنَّ) وأخواتها نقول: هذا يعتبر من التعليق، ومثله: (إِنْ)، ((وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا)) [الإسراء:52]، (إِنْ) هذه نافية، بدليل الاستثناء بعدها: إلا، -كل (إِنْ) وقعت في مقابلها إلا فهي نافية-، حينئذٍ نقول: هذا من باب التعليق، لماذا؟ لإحالة (إِنْ) النافية بين العامل والمعمول.
(وَإِنْ وَلاَ) النافيتين، قال ابن هشام: في جواب قسم ملفوظ به أو مقدر، لكن الكثير على أنه لا يشترط أن يكون في جواب قسم لا ملفوظاً ولا مقدم، تقول: ظننتُ إن زيدٌ قائمٌ ولا إشكال ليس فيه قسم، ظننتُ لا زيدٌ قائمٌ ولا عمروٌ، نقول: هذا ليس فيه قسم، علمت والله لا زيدٌ في الدار ولا عمروٌ هكذا قدرها لابد من قسم، وعلمتُ إن زيدٌ قائمٌ، الصواب: أنه لا يشترط أن يكون في جواب قسم.