الثاني: أن يكون منفيها الجنس، يعني لا الوحدة، وهذه نأخذها من أين من كلام الناظم؟ العنوان الترجمة "لاَ" الَّتِي لِنَفْيِ الْجِنْس، معناها نافية وأنها تنفي الجنس.
ثالثاً: أن يكون نفيها نصاً، لا على جهة الاحتمال، وهذا أيضاً مأخوذ من الترجمة؛ لأنه متى أطلق نفي الجنس انصرف إلى نفيه نصاً؛ لأنه يستلزم نفي الأفراد، وإذا استلزم نفي الأفراد مطلقاً حينئذٍ صار نصاً، هذا أيضاً نأخذه من الترجمة.
رابعاً: ألا يدخل عليها جار، جئت بلا زاد .. لا زاد لي، لو دخلت عليها الباء: جئت بلا زاد، حينئذٍ النكرة هذه صارت مطلوبة للباء (بلا زاد) وهذه الحركة التي في زاد الحركة العارية، بمعنى أن الباء هنا أعملت في (لا) وهي بمعنى غير ولما كانت هذه الحركة لا تظهر على (لا) أعيرت إلى زاد، وظهرت فيها، ولذلك تقول: بلا زاد، الباء حرف جر ولا اسم بمعنى غير مجرور بالباء، وجره -حركته- هي التي في زاد -حركة ظاهرة-، هنا زحلقت الحركة مثل اللام المزحلقة، بلا زاد (لا) مضاف وزاد مضاف إليه، زاد نقول: مضاف إليه مجرور وجره كسرة مقدرة، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة العارية؛ لأن زاد هذه الكسرة ليست كسرة زاد المضاف إليه وإنما هي كسرة (لا) وهي بمعنى غير، على كل المراد هنا أن (لا) النافية للجنس يشترط في إعمالها ألا يسبقها حرف جر، فإن سبقها حرف جر حينئذٍ صارت النكرة مطلوبة للجر، وهذا يمكن أخذه من قوله: لِلاَ فِي نَكِرَهْ، لأن النكرة إذا كانت مطلوبة لِلاَ امتنع أن تكون مطلوبة لحرف الجر وهو الباء.
إذاً: ألا يدخل عليها جار وهذا مأخوذ من قوله: عَمَلَ إِنَّ اجْعَلْ لِلاَ لأن عمل (إن) إنما يكون مع عدم دخول الجار.
خامساً: أن يكون اسمها نكرة وكذا خبرها؛ لأنه قال: فِي نَكِرَهْ إذاً لا بد أن يكون الاسم نكرة.
سادساً: أن يتصل بها اسمها، لا يفصل بينها ولو بالخبر، ولو كان ظرفاً أو جاراً ومجرور لا يجوز أن يتقدم ولا أن يفصل بين (لا) ومدخولها، وهذا يأتي أنه نص عليه: وَبَعْدَ ذَاكَ الْخَبَرَ بعد ذاك الاسم الخبر اذْكُرْ رَافِعَهْ، اذكر الخبر بعد ذاك، يعني بعد الاسم، فدل على أنه لا يفصل بين (لا) واسمها، فإن فصل حينئذٍ نقول: بطل عملها.
إذاً: بهذه الشروط الستة لا بد من اجتماعها، وحينئذٍ اجتمعت في (لا) وجب إذا لم تكن مكررة أن تعمل عمل (إن).
وإن كانت لنفي الوحدة أو الجنس (لا) نصاً عملت عمل ليس، وإن دخل عليها حرف خفض النكرة، جئت بلا زاد، وشذ جئت بلا شيءَ بالفتح، هذا شاذ، وإن كان الاسم معرفة أو منفصلاً أهملت ووجب تكرار (لا) نحو لا زيدٌ في الدار ولا عمروٌ ولا في الدار رجلٌ ولا امرأةٌ. إذاً: عَمَلَ إِنَّ اجْعَلْ لِلاَ ليس مطلقاً بل هو بشروط ستة ذكرناها فيما مضى.
فِي نَكِرَهْ متصلة بها.
مُفْرَدَةً جَاءَتْكَ أَوْ مُكَرَّرَهْ: هذا فيه إشارة إلى أن (لا) قد تكون مفردة، لا رجل في الدار، وقد تكون مكررة (لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ الاّ باللهِ)، لكن إذا كانت مفردة فالعمل واجب، وإذا كانت مكررة فالعمل جائز، إذاً قوله: اجْعَلْ نحمله على معنييه قدر مشترك الوجوب والجواز، الوجوب فيما إذا أفردت (لا)، والجواز فيما إذا تكررت (لا).