عَمَلَ إِنَّ اجْعَلْ لِلاَ حملاً لها على (إن)، لماذا أعملت؟ في أي وجه من أوجه الشبه أشبهت (لا) النافية للجنس (إنَّ)؟ قالوا: لمشابهتها إياها في التوكيد، فإن (لا) لتوكيد النفي، و (إنَّ) لتوكيد الإثبات، إذاً كل منهما للتوكيد (إنَّ) للتوكيد و (لا) التي لنفي الجنس للتوكيد، إلا أن (إنَّ) تؤكد الإثبات ولا تؤكد النفي، وهذا يسمى قياس أو حمل النقيض على نقيضه، بمعنى أنها تفيد نفياً أكيداً قوياً، وهذا لا يقتضي وجود النفي أولاً بغيرها، إذا قيل: (لا) النافية للجنس لتوكيد النفي، قد يفهم أن ثم نفي وجد أولاً ثم جاءت (لا) فأكدته، مثل ما نقول: ما ما زيد (ما) الثانية هذه مؤكدة، لاَ لاَ أَبُوحُ بحِبِّ بَثْنَةَ إنّهَا .. (لا) الثانية نافية، مؤكدة للا الأولى، حينئذٍ إذا قيل مؤكدة يفهم منه أن الجملة قد دخلها نفي أولاً، ثم جيء بالحرف الثاني النافي فأكد المنفي الموجود في الجملة، هنا لا، ليس الأمر كذلك، بل المراد أنها تفيد نفياً أكيداً قوياً، وهذا لا يقتضي وجود النفي أولاً بغيرها، وإن كانت بتأكيد النفي لأنها نفت احتمال الوحدة من مدخولها، وهذا تأكيد فرق بين لا رجلَ، ولا رجلٌ .. الأولى آكد في النفي من الثانية، لماذا؟ لكونها لنفي الجنس، والثانية لنفي الجنس ظاهراً مع احتمال الوحدة.

إذاً تعمل (لا) عمل (إن) إلحاقاً بها لمشابهتها لها في تأكيد النفي -هذا أولاً-.

ثانياً: التصدر والتصدير، (إن) لها صدر الكلام، ولا التي لنفي الجنس لها صدر الكلام، يعني تقع في أول الجملة مثل (إنَّ) ولام الابتداء ونحوها.

والدخول على المبتدأ والخبر، (إن) من خصائص الأسماء تدخل على المبتدأ والخبر، و (لا) التي لنفي الجنس كذلك من خصائص المبتدأ والخبر تدخل على الجملة الاسمية؛ ولأنها لتوكيد النفي كما (إنَّ) لتوكيد الإثبات فهو قياس نقيض، وإلحاقها بليس قياس نظير، إلحاقها بـ (ليس) فيما سبق (لا) النافية، قلنا: تعمل عمل ليس قياساً عليها، بجامع أن كلاً منهما ينفي، هذا قياس نظير، -نظير على نظير-، وهنا (لا) قيست على (إنَّ) بجامع ماذا؟ كل منهما مؤكِّد، إلا أن (إن) مؤكِّد في الإثبات و (لا) في النفي، هذا نظير أو نقيض؟ نقيض، إذاً فرق بين المسألتين.

لأنها نافية مثلها فهو أقوى في القياس، لكن عملها -عمل (إن) - أفصح وأكثر في الاستعمال وله شروط، كما قال الناظم: فِي نَكِرَهْ، أراد أن يبين لنا الشروط التي تشترط في إعمال (لا) عمل (إن) -التي لنفي الجنس-؛ لأن شأن الفرع ألا يعمل مطلقاً، هذه قاعدة مطردة، شأن الفرع عند النحاة في العمل لا يعمل مطلقاً، بل لا بد من قيود ولا بد من شروط:

الشرط الأول: أن تكون نافية، خرج بها الناهية، والزائدة، والعاطفة .. هذه خرجت باشتراط النافية، فإن كانت زائدة حينئذٍ لا تعمل عمل (إن)، وشذ إعمال الزائدة في نحو

لَوْ لَمْ تَكُنْ غَطَفَانُ لاَ ذُنُوبَ لهَاَ **** إذَا لَلاَمَ ذَوُو أَحْسَابِهَا عُمَرَا

لَوْ لَمْ تَكُنْ غَطَفَانُ لاَ ذُنُوبَ لهَاَ، لا رجل في الدار، (لاَ ذُنُوبَ لهَاَ) أعملها أو لا؟ أعملها، نقول: هذه زائدة وهو شاذ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015