(وَإِنْ مَالِكٌ كَانَتْ كِرَامَ الْمَعَادِنِ)، وَإِنْ مَالِكٌ، (وَإِنْ) هذه مخففة من الثقيلة وهي المهملة، ولم تدخل اللام على الخبر، وَإِنْ مَالِكٌ لكَانَتْ ما أدخل اللام لماذا؟ لأن المعنى واضح، هو ماذا يريد؟ يريد مدح، وإذا أراد المدح ينفي أو ثبت؟ يثبت قطعاً، (وَإِنْ مَالِكٌ كَانَتْ كِرَامَ الْمَعَادِنِ)، لو قال: ومَا مَالِكٌ كَانَتْ كِرَامَ الْمَعَادِنِ، مدحه أو ذمه؟ هذا ذم، فحينئذٍ هذه قرينة معنوية -السياق كونه أراد المدح والثناء- نقول: هذه قرينة معنوية دلالة المقام على المدح، حينئذٍ دل على أن الكلام في الإثبات لا في النفي.
وَرُبَّمَا اسْتُغْنِيَ عَنْهَا: عن اللام السابقة.
إِنْ بَدَا: ظهر.
مَا: أي: معنى.
نَاطِقٌ أَرَادَهُ مُعْتَمِدَا: إذا ظهر المعنى -معنى المتكلم أو المعنى المراد- من الكلام بقرينة لفظية -كما ذكرنا- أو معنوية، حينئذٍ استغني عنها عن اللام فلا تدخل.
إذا خففت إن فالأكثر في لسان العرب إهمالها، فتقول: إن زيد لقائم، وإذا أهملت لزمتها اللام فارقة بينها وبين إن النافية، هل هذه اللام لام الابتداء، أم أنها لام تسمى لام فارقة وليست هي عين لام الابتداء؟ خلاف طويل عريض لا فائدة منه، ولكن الصحيح أنها لام فارقة وليست هي لام الابتداء؛ لأنها تدخل على ما لا تدخل عليه لام الابتداء، حينئذٍ دل على أنها لام مغايرة لتلك، لكن لا ينبني عليه شيء -عمل-.
لزمتها اللام فارقة بينها وبين (إن) النافية، ويقل إعمالها فتقول: إن زيداً قائم، وحكى الإعمال سيبويه، والأخفش رحمهما الله تعالى، فلا نلزمهما حينئذٍ اللام؛ لأنها لا تلتبس، نعم إذا أعملت ظاهراً: إن زيداً لا تلزمها اللام؛ لأن بالنطق نقول: هذه إن مخففة من الثقيلة وهي معملة.
لأنها لا تلتبس والحالة هذه بالنافية؛ لأن النافية لا تنصب الاسم وترفع الخبر، وإنما تلتبس بإن النافية إذا أهملت، ولم يظهر المقصود، -مقصود المتكلم-، فإن ظهر قد يستغنى عن اللام كقول الشاعر ما ذكرناه، والتقدير: وَإِنْ مَالِكٌ لكَانَتْ، وحذفت اللام؛ لأنها لا تلتبس بـ (أن).
واختلف النحويون في هذه اللام، هل هي لام ابتداء أدخلت للفرق بين (إن) النافية و (إن) المخففة من الثقيلة، أم هي لام أخرى اجتلبت للفرق؟ وكلام سيبويه يدل على أنها لام الابتداء دخلت الفرق، والظاهر أنها ليست لام الابتداء؛ لوجود الفرق بين اللامين إذ تدخل هذه على ما يدخل لام الابتداء.
وَالْفِعْلُ إِنْ لَمْ يَكُ نَاسِخاً فَلاَ ... تُلْفِيهِ غَالِبَاً بِإِنْ ذِي مُوصَلاَ