إذاً: رُبَّمَا للتقليل، استُغْني عَنْها -عن اللام- جار ومجرور متعلق بمحذوف نائب فاعل، استُغْني هذا مغير الصيغة وعَنْها نائب فاعل، والضمير يعود إلى اللام، متى؟
إِنْ بَدَا: إن ظهر.
(مَا) فاعل بدا.
نَاطِقٌ أَرَادَهُ مُعْتَمِداً: إذا ظهر للمستمع ما الذي نَاطِقٌ متكلم أَرَادَهُ، يعني: أراد الناطق المعنى الذي أراده مُعْتَمِداً على قرينة لفظية أو معنوية.
إن وجدت هذه القرينة اللفظية أو المعنوية وعلم مراد المتكلم الناطق بكون هذه إن مخففة من الثقيلة استغني عن اللام، إذاً متى وجبت اللام؟ عند اللبس، عند الالتباس، متى يقع اللبس؟ إذا لم يفهم مراد المتكلم، متى يفهم مراد المتكلم؟ إذا قام قرينة لفظية أو معنوية.
وَرُبَّمَا اسْتُغْنِيَ عَنْهَا.
قلنا: وَتَلْزَمُ، هذا عام.
وَتَلْزَمُ الَّلامُ إذَا مَا تُهْمَلُ: إذا أهملت –مَا: زائدة- إذا أهملت لزمت اللام -جاء تخصيص-.
وَرُبَّمَا اسْتُغْنِيَ عَنْهَا إنْ بَدَا ... مَا نَاطِقٌ: في الأول: وَتَلْزَمُ اللاَّمُ مطلقاً، سواء عرفنا مراد المتكلم أم لا، جاء التخصيص لبعض أفراد العام السابق، فقيل: رُبَّمَا اسْتُغْنِيَ عَنْهَا عن اللام متى؟ إن ظهر لنا (ما)، يعني: المعنى نَاطِقٌ أرَادَهُ، أرَادَهُ يعود على (ما) خبر المبتدأ، نَاطِقٌ هذا مبتدأ، وأرَادَهُ الجملة خبر، ومُعْتَمِداً حال، حال كونه معتمداً، على قرينة لفظية، نحو: إنْ زيدٌ لن يقومَ، إذا وجدت النفي في الخبر حينئذٍ احكم عليها -احكم أن (إن) - بأنها مخففة من الثقيلة ليست نافية، لماذا؟ لأنها لو كانت نافية لصار نفي النفي إثبات وليس هذا مراد المتكلم، هو أراد نفي القيام عن زيد، لو قيل: ما زيد لن يقوم -ركاكة هذه-: ما زيد لن يقوم صار نفي نفي، حينئذٍ يقتضي الإثبات، وليس هذا مراد المتكلم.
إذاً: إذا وجد النفي -حرف النفي (لا) أو (لن) أو (لم) -في الخبر -متصلاً بالخبر-، فاحكم على (إن) بأنها مخففة من الثقيلة.
إذاً: اسْتُغْنِيَ عَنْهَا في هذا الترتيب مع كونها مخففة من الثقيلة لوجود القرينة اللفظية، وهي حرف النفي: (لم) و (لن)، ومثله: (إنِ الْحَقُّ لاَ يَخْفَى عَلَى ذِيْ بَصِيْرَةٍ)، لاَ يَخْفَى، هذا خبر (إن)، وهذه مخففة من الثقيلة قطعاً، لماذا؟ (إنِ الْحَقُّ لاَ يَخْفَى)، إذاً: كون الخبر منفياً دل على أن (إن) مخففة من الثقيلة، حينئذٍ هي مهملة، وهذه قرينة لفظية وليست معنوية، وأما المعنوية كقول الشاعر:
ونَحْنُ أُباة الضَّيْمِ مِنْ آلِ مالِك ... وَإِنْ مَالِكٌ كَانَتْ كِرَامَ الْمَعَادِنِ