وأما إذا تقدم على الاسم معمول الخبر فالأصل المنع، لماذا؟ لأن الخبر منع وهو عامل وهو أصل، فمعموله من بابٍ أولى وأحرى، ولأن تقديم المعمول يؤذن بتقديم العامل وعلمنا أن تقديم العامل ممتنع، فمعموله كذلك مثله، لكن جوز بعضهم حملاً على الظرف -إذا كان ظرفاً أو جاراً ومجروراً-.

إِلاَّ: استثنى الناظم إِلاَّ فِي الَّذِي، يعني إلا الخبر في الموضع الذي يكون الخبر فيه ظرفاً أو جاراً ومجروراً للتوسع في الظروف والمجرورات كَلَيْتَ فِيهَا غَيْرَ الْبَذِي .. كَلَيْتَ هُنَا غَيْرَ الْبَذِي.

لَيْتَ نقول: هذه تعمل عمل (إن)، فِيهَا: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم.

غَيْرَ الْبَذِي: بذي يعني فاحش اللسان قذر، وهو اسم ليت.

إذاً توسط هنا وهو ظرف بين ليت واسمها غَيْرَ الْبَذِي.

كذلك فِيهَا أو هنا للتنويع -تنويع المثال- أو كَلَيْتَ فِيهَا غَيْرَ الْبَذِي: توسط هنا الجار والمجرور وهو فِيهَا بين العامل ومعموله.

هذا في حالة الجواز فيما إذا لم يكن ثم مانع، وقلنا هذا الباب لما قال: عَكْسُ مَا لِكَانَ مِنْ عَمَلْ، حينئذٍ الأصل ما اشترط هناك يشترط هنا، فما منع هناك في باب (كان) وفي باب المبتدئ والخبر من جهة أن يتصل بالجار والمجرور أو الظرف ضمير يعود على الخبر - كَذَا إِذَا عَادَ عَلَيْهِ مُضْمَرُ- إذا اتصل بالاسم ضمير يعود على الخبر، في الدار صاحبها، إن في الدار صاحبها، هل يصح أن نقول: إن صاحبها في الدار؟ إذاً ما حكم تقديم الخبر هنا؟ إن في الدار صاحبها، تقديم الخبر على الاسم نقول: هذا واجب.

إذاً قوله: كَلَيْتَ فِيهَا أَوْ هُنَا: ليس فيه ما يوجب توسط الخبر بين ليت واسمها.

فحينئذٍ نقول: لم يرد الناظم إلا المسألة التي يجوز فيها التوسط بين العامل والمعمول، وهو الاسم، وأما ما عداه فيؤخذ من الشرح، فنقول: هناك ما يجب أن يتوسط فيه الخبر بين العامل والاسم وهو ظرف أو جار ومجرور، ليت في الدار صاحبها، نقول: هذا مثال لما وجب فيه التوسط.

إن عند زيد أخاه، إن عند زيد ما إعرابه؟

(إن) حرف توكيد ونصب، و (عند) اسم إن، إن عند هذا متعلق بمحذوف خبر (إن)، منصوب أو مرفوع؟ منصوب، وعندَ فيها النّصبُ يَستمرُّ.

منصوب على الظرفية إن عند زيد أخاه.

أخاه؟

اسم (إن).

وعند زيد هذا خبره، تقدم الخبر على اسم (إن)، ما حكم تقدم الخبر والتوسط هنا جائز أم واجب؟

واجب.

واجب، لماذا؟ لأن الاسم وهو أخاه اتصل به ضمير يعود على جزء من الخبر.

قال: فلا يجوز تأخير: في الدار لئلا يعود الضمير على متأخر لفظاً ورتبة، وكذلك إذا اقترن الاسم بلام الابتداء ((إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً)) [آل عمران:13] سيأتي أن الذي يدخل عليه لام الابتداء الأصل فيه خبر كما سيأتي.

وإذا دخلت لام الابتداء على الاسم حينئذٍ لا يجوز أن يلي ذلك الاسم العامل (إن)، (الأصل إن لعبرة)، لكن لا يتوالى مؤكدان في جملة واحدة؛ لأن (إن) مؤكدة، واللام مؤكدة، فحينئذٍ لا بد من زحلقة الاسم مع لامه.

((إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً)) [آل عمران:13] هذا مما يجب فيه التوسط، ماذا بقي؟ بقي وجوب تأخير الخبر، إذا كان ظرفاً؛ -الكلام في الظرف والجار والمجرور-.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015