وذكرت كَأَنَّ مع (أَنَّ) أصلها (إِنَّ) المكسورة أدخلت عليها الكاف التشبيهية ففتحت الهمزة للحرف، (إِنَّ) إذا سبقها حرف لا بد من فتحها، إذاً (إِنَّ) الأصل التي هي أصل (أَنَّ) دخلت عليها الكاف ففتحت صار كَأَنَّ، أدخلت عليها الكاف التشبيهية ففتحت الهزة لانتساخ هذا الأصل بإدخال الكاف، وجعل المجموع كلمة واحدة، يعني لماذا لم نسقط كَأَنَّ مع أنها فرع مركبة من (إِنَّ) أو (أَنَّ)، لماذا لم نسقطها كما أسقطنا (أَنَّ)؟ قالوا: لأن الكاف صارت كالجزء من الكلمة غير معتبرة، بدليل أنها لو كانت أصلية معتبرة لاحتجنا إلى متعلق تتعلق به، لو لم تجعل جزءاً من الكلمة قيل: كَأَنَّ هذا مثل بزيد، يحتاج إلى جار ومجرور، فلما لم يلتفت إلى المتعلق لكَأَنَّ علمنا أن الكاف هذه ليست أصلية، بل هي زائدة نزلت منزلة الجزء من الكلمة، إذاً صار التركيب منسوخاً –الأول- ولم يلتفت إليه، فصار كالكلمة الواحدة، لانتساخ هذا الأصل بإدخال الكاف وجعل المجموع كلمة واحدة بدليل عدم احتياج الكاف إلى متعلق، وعدم كون مدخولها في موضع جر عند الجمهور، لو قال: كأن زيداً عالم، هذا دليل آخر على أن الكاف هنا صارت نسياً منسياً، كأن زيداً عالم، (أن) وما دخلت عليه تأويل مصدر، لو كانت الكاف معتبرة لصار المصدر مجروراً بالكاف، لكن هذا لم يقل به أحد من النحاة، وعلى الأقل أنه لم يقل به الجماهير، فدل على أن هذه الكاف لا تجر المصدر الذي بعدها؛ لأنها صارت كجزء من الكلمة من مدخولها.

ثم هذه الكاف ليس لها متعلق؛ إذ لو كان لها معنى مستقل حينئذٍ لوجب أن يكون لها متعلق.

لاَ بُدَّ لِلجَارِ مِنَ التَّعَلُّقِ ... بِفِعْلٍ اوْ مَعْنَاهُ نَحْوُ مُرْتَقِي

وعدم كون مدخولها في موضع جر عند الجمهور بخلاف (أن) المفتوحة، فليس أصلها منسوخاً بدليل جواز العطف بعدها على معنى الابتداء كما يعطف بعد المكسورة، إذاً سيبويه والجمهور على أن (أن) فرع (إن)، وحينئذٍ تعد خمسة.

وابن هشام في التوضيح عدها ثمانية أبقى (أن) على أصلها -الستة المذكورة هذه-، وزاد عليها (عسى) في لغية، عسى سبق معنا أنها يتصل بها الضمير المرفوع، هذا المشهور في لسان العرب، وعلى قلة يتصل بها الضمير المنصوب، ولذلك قال: عسى في لغية، تصغير لغة، يعني شيء قليل نادر، فإذا اتصل بها الضمير المنصوب اختلف النحاة فيها: جماهير البصريين على أنها باقية على أصلها، وأنها فعل، وأنها من أفعال المقاربة، ولا بد من التأويل ويختلفون في كل شاهد بطريقة معينة.

ابن هشام تبع سيبويه قال: لا، قد تكون عسى فعلاً وتكون من أفعال المقاربة ترفع وتنصب، وإذا اتصل بها الضمير المنتصب خرجت عن الفعلية، وصارت حرفاً من حروف (إن) وأخواتها.

إذاً لها اعتباران –تفصيل-: إن رفعت اسماً ظاهراً أو ضميراً متصلاً مرفوعاً فهي فعل، وإن دخلت على ضمير نصب كما في قول القائل (فَقُلْتُ: عَسَاهَا نَارُ كَأْسٍ وَعَلَّهَا ... )، عَسَاهَا نَارُ كَأْسٍ: نَارُ هذا اسم عسى –بالرفع-، و (ها) عَسَاهَا هذا في محل نصب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015