إذاً ثلاثة أقوال: جمهور البصريين على المنع مطلقاً سواء كان مفرداً أو جاراً ومجروراً أو ظرفاً، وهذا الذي ذهب إليه الناظم قال: وَتَرْتيبٍ زُكِنْ، بتقديم المبتدأ على الخبر والخبر يلتزم التأخير ولو كان ظرفاً أو جاراً ومجروراً.

والفراء على الجواز مطلقاً، وابن عصفور على التفصيل، وظاهر ابن عقيل أنه اختار قول ابن عصفور.

فإن تقدم وجب رفعه نحو: ما قائم زيد، فلا تقول: ما قائماً زيد وفي ذلك خلاف كما ذكرناه.

وإن جاء في لسان العرب ما ظاهره تقدم الخبر على الاسم وجب تأويله.

فأَصْبَحوا قَد أَعادَ الله نِعْمَتَهُمْ ... إِذْ هُمْ قُرَيْشٌ وَإِذْ مَا مِثْلَهم بَشَرُ

ما بشر مثلهم تقدم الخبر على الاسم، والخبر هنا منصوب، يجب التأويل، وحينئذٍ نقول: وإذ ما مثلهم بشر، سيبويه قال: شاذ، انتهينا.

إذا أردنا تأويله حينئذٍ نقول: إذ ما مثلهم، مثلهم هذا حال، والخبر محذوف أي: ما في الوجود بشر مثلهم، إذاً لا بد من التأويل أو نحكم عليه بأنه شاذ، مثل ما سبق: وَمُضْمَرَ الشَّانِ اسْماً انْوِ إِنْ وَقَعْ.

قال ابن عقيل: فإن كان ظرفاً أو جاراً ومجروراً فقدمته فقلت: ما في الدار زيد وما عندك عمرو فاختلف الناس في (ما) حينئذٍ هل هي عاملة أم لا؟

هذا محل نزاع كما ذكرناه سابقاً، والناظم اختار أنها تكون غير عاملة، فيبطل عملها.

وَسَبْقَ حَرْفِ جَرٍّ أَوْ ظَرْفٍ كَمَا ... بِي أَنْتَ مَعْنِياًّ أَجَازَ العُلَمَا

وَسَبْقَ: هذا مصدر مضاف إلى فاعله، مفعول به لأجاز.

أَجَازَ العُلَمَا يعني: النحاة.

سَبْقَ حَرْفِ جَرٍّ مع مجروره أوْ ظَرْفٍ مدخولي (ما) مع بقاء العمل، لكن ليس الظرف والجار والمجرور مطلقاً، إنما المراد معمول الخبر، الكلام في معمول الخبر، البيت هذا مراده أنه يمنع أن يتقدم معمول الخبر على الخبر إلا إذا كان ظرفاً أو جاراً ومجروراً، مثل ما سبق وَلاَ يَلِى الْعَامِلَ مَعْمُولُ الْخَبَرْ، والحكم سحبه إلى هذا الموضع، لكن يستثنى الجار والمجرور.

كَمَا بِي أنْتَ مَعْنِياًّ:

أصل التركيب مَا أنْتَ مَعْنِياًّ بِي.

(مَا) هذه حجازية نافية.

أنْتَ اسمها.

مَعْنِياًّ بالنصب على أنه خبر.

بِي جار ومجرور متعلق بالخبر معنياً، إذاً هو معمول الخبر وقد تلا ما، وسبق:

وَلاَ يَلِي الْعَامِلَ مَعْمُولُ الْخَبَرْ ... إِلاَّ إِذَا ظَرْفاً أَتَى أَوْ حَرْفَ جَرْ

إذاً استثنى والقاعدة نفسها:

وَسَبْقَ حَرْفِ جَرٍّ أَوْ ظَرْفٍ كَمَا ... بِي أَنْتَ مَعْنِيَّاً أَجَازَ العُلَمَا

إذاً يجوز أن يتقدم معمول الخبر إذا كان ظرفاً أو جاراً ومجروراً على اسم (ما) الحجازية، وأما التميمية هذا لا إشكال فيه يأتي إن شاء الله.

وَسَبْقَ حَرْفِ جَرٍّ أَوْ ظَرْفٍ كَمَا ... بِي أَنْتَ مَعْنِيَّاً أَجَازَ العُلَمَا

وما عندك زيد قائماً، ما زيد قائماً عندك هذا هو الأصل فيه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015