إِذَا مُتُّ كَانَ النَّاسُ صِنْفَانِ: صِنْفَانِ خبرها، إذاً رفعت المبتدأ على أنه اسم لها، ورفعت كذلك الخبر، هكذا سمع، كَانَ النَّاسُ صِنْفَانِ، والأصل أن يقول: كان الناس صنفين، لكنه رفع، حينئذٍ رفع الاسمان بعد كان، والصحيح أن هذه كان الشانية، بمعنى أن الضمير يكون محذوفاً بعده وجوباً كانهُ الناس صنفان، فحينئذٍ الناس مبتدأ وصنفان خبر، والجملة في محل نصب خبر كان .. لا بد من التأويل؛ لأنه إذا كان مطرداً أن (كان) تنصب وترفع، حينئذٍ ما جاء مخالفاً للأصل لا بد من التأويل وأمكن التأويل هنا، أمكن التأويل دون قبحودون شذوذ، حينئذٍ كانهُ الناس صنفان، وهذه تسمى كان الشانية وهو أن يكون اسمها ضمير الشان محذوفاً واجب الحذف، ومفسر بالجملة، تفسره جملة ((هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)) [الإخلاص:1] (اللَّهُ أَحَدٌ) هذا مفسر لهو، أين مرجعه؟ (اللَّهُ أَحَدٌ) إذاً جملة، فصار مفسراً بجملة.
ثم يكون مرجعه متأخراً لا متقدماً، والشأن هو كذلك هو .. هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، فسر بجملة ثم هذا المرجع متأخر عنه، والأصل في الضمير أنه يعود إلى متقدم إلا ما استثني.
فحينئذٍ كان الناس صنفان نقول: كانهُ، اسم كان محذوف وهو ضمير الشأن، لا بد من التأويل، والجمهور على أن في كان ضمير الشأن اسمها، والجملة في محل نصب خبر كان، وعن الكسائي أنها ملغاة ولا عمل لها، يعني في مثل هذا التركيب.
إذاً لا بد من التأويل، إذا جاء ما شأنه الرفع في الجزأين لابد من التأويل.
واختلف في دلالة هذه الأفعال على حدث كان وأخواتها، هل تدل على حدث أم لا؟
المشهور: أنها لا تدل على الحدث، وإنما جيء بها للدلالة على الزمن، ربط مضمون الخبر بالاسم، فكان فقط زمانية لا تدل على حدث، والصواب أنها تدل على الحدث، واختلف في دلالة هذه الأفعال على الحدث، والمشهور أنها تدل عليه كالزمان، كسائر الأفعال، ومنعه قوم والأول أصح؛ للتصريح بالمصدر كما سيأتي (وكَوْنُكَ إيَّاهُ عَلَيكَ يَسِيرُ)، هذا تصريح بالمصدر، وإذا صرح بالمصدر حينئذٍ المصدر هو عين الحدث.