وإن دل عليه دليل جاز إثباته وحذفه، نحو أن يقال في السؤال: هل زيد محسن إليك؟ قال: لولا زيد لهلكت، يعني: لولا زيد محسن إلي لهلكت وحذفه للعلم به.

هذا الثالث -الطريقة الثالثة- هي ما أرادها الناظم رحمه الله تعالى: وَبَعْدَ لَوْلا غَالِباً، يعني: في غالب أحوالها، وحينئذ نقول: الطريقة الثالثة التي شرحها ابن عقيل هي مراد الناظم رحمه الله تعالى.

وأما الجمهور عندهم أن لولا لا يأتي كونها خاصاً البتة، وإذا جاء نحو ذلك إما أن يُلَحَّنَ قائله، وإما أن يؤول؛ فالجمهور -جمهور النحاة- على أن لولا لا يكون خبرها إلا كوناً عاماً.

التفصيل الثالث هذا الذي شرحنا به كلام الناظم لا يجري على كلام الجمهور، لماذا؟ لأن الكون عندهم مطلق عام في خبر لولا مطلقاً بلا تفصيل، فإذا جاء ما ظاهره خاص إما أن يلحن القائل وإما أن يؤول، ولذلك لم يحتجوا بالحديث السابق، لولا قومكِ حديثو عهد، قالوا: لا، لماذا؟ هذا محتمل أنه من لحن الرواة، فلذلك السيوطي قال: هذا لعله من تصرفات بعض العجم لأنه خالف القاعدة، ليس بصحيح هذا، الكلام فاسد، وحينئذ نقول: نرجع إلى الأصل، ولذلك خطه المعري بقوله:

يُذِيبُ الرُّعْبُ مِنْهُ كُلَّ عَضْبِ ... فَلَوْلاَ الْغِمْدُ يُمْسِكُهُ لَسَالاَ

لَوْلاَ الْغِمْدُ موجود لما صرح بـ: يمسكه وهو خاص، قالوا: هذا لحن، لو لحنوا المعري ما في إشكال، أما الحديث فلا، يبقى على أصله إما أن يؤول، وإما أن يذكر ما؟؟؟

إذاً نقول: القاعدة عامة في هذا الباب: أنه إذا وقع المبتدأ بعد لولا الامتناعية حينئذ حذف الخبر، متى؟ إذا كان كوناً عاماً، وأما إذا كان كوناً خاصاً حينئذ ينظر في الدليل، إن دل عليه دليل جاز حذفه وإلا فلا، على القاعدة المطردة.

إذاً: إذا وقع المبتدأ بعد لولا الامتناعية لأنه معلوم بمقتضاها إذ هي دالة على امتناع لوجود فالمدلول على امتناعه هو الجواب، والمدلول على وجوده هو المبتدأ، فإذا قيل: لولا زيد لأكرمت عمراً فالمراد: وجود زيد منع من إكرام عمرو.

وجاز الحذف لتعين المحذوف، جاز الحذف لماذا؟ لتعين المحذوف، لأنه معلوم من السياق: لولا زيد لأكرمتك، يعني زيد وجوده كونه حاضر هو الذي منع من الإكرام، هذا مُجَوِّز للحذف بماذا وجب؟ بسد جملة الجواب مسده لأكرمت زيداً.

ووجب لسد الجواب وحلوله محله، ثم أطلق الجمهور وجوب الحذف، هكذا قال السيوطي في جمع الجوامع، ثم أطلق الجمهور جمهور النحاة ماذا؟ وجوب الحذف مطلقاً بعد لولا بدون تفصيل، بدون تفصيل بين: غالباً وغيره.

وقيده ابن مالك بما إذا كان الخبر الكون المطلق، فلو أريد كونٌ بعينه لا دليل عليه لم يجز الحذف فضلاً عن أن يجب، نحو: لولا زيد سالمنا ما سلم، وهذا مثل: لولا الغمد يمسكه لسالا، وحديث: {لولا قومكِ ... } إلى آخره. فإن كان عليه دليل جاز الحذف والإثبات، نحو: لولا أنصار زيد حموه لم ينج، وهذا فيه دليل لو حذف، حموه: هذا الخبر، لولا أنصار زيد لم ينج، يفهم من السياق؟ يفهم نعم، لأنه أنصار إذاً حموه، فهو لازم له، حينئذ لو حذفه جاز، جاز حذفه للقرينة وجاز إثباته، ومنه بيت المعري السابق.

والجمهور أطلقوا وجوب الحذف بناءً على أنه لا يكون بعدها إلا كوناً مطلقاً. إذاً قوله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015