وَبَعْدَ لَوْلا غَالِباً حَذْفُ الْخَبَرْ –منه- حَتْمٌ: لولا زيد لأتيتك، يعني: لولا زيد موجود لأتيتك، هنا يجب الحذف، لأن هذا القسم هو قسم لَوْلا غالباً، أن يكون الخبر كوناً عاماً لا مقيداً.
والثاني: حذفه جائز إذا دل عليه دليل، بخلاف ما إذا لم يدل، نحو: لولا قومكِ حديثو عهد. لولا قومك، لولا هذه امتناعية امتنع شيء لوجود شيء، أليس كذلك؟ فيها معنى الامتناع؟ {لولا قومكِ حديثو عهد بالإسلام لهدمت الكعبة} إذاً: امتنع هدم الكعبة لكونهم حديثو عهد.
حديثو عهد هل هو كون عام أو حدث عام أم خاص؟ خاص، إذاً هو الخبر، لولا قومكِ: هذا مبتدأ، أين خبره؟ حديثو عهد، هذا واجب الذكر أم أنه يجب حذفه لقوله: وَبَعْدَ لَوْلا غَالِباً؟ نقول: لا، هذا يجب ذكره، لماذا؟ لأنه خاص، والذي يجب حذف الخبر إذا كان كوناً أو وجوداً مطلقاً عاماً، ففرق بين المسألتين.
لولا قومكِ، نقول: لولا هذه امتناعية، وقومك: هذا المبتدأ، خبره: حديثو عهد، هذا الخبر، وهنا واجب الذكر؛ لأنه لو حذف لما دل عليه دليل، وليس هو من مسألتنا التي ذكرها الناظم.
هنا يقول: أن يكون خبراً لمبتدئٍ بعد لولا، نحو: لولا زيد لأتيتك، التقدير: لولا زيد موجود لأتيتك.
واحترز بقوله: غَالِباً عما ورد ذكره وفيه شذوذ، -هذا غلط ليس بصحيح- تفسير ابن عقيل لقوله: غَالِباً بكونه في الغالب في لسان العرب أنه يحذف بعد لولا وقليل شاذ لا يحذف ليس هذا مراد الناظم رحمه الله تعالى، بل المراد أن لولا لها حالان: حال هي غالب، وهو أن يكون خبرها وجوداً مطلقاً عاماً غير مقيد. والحالة الثانية وهو قليل: أن يكون وجودها وجود مقيد، يعني خاص، فحينئذ نقول: وجب حذف الخبر إذا كان الوجود مطلقاً عاماً، وإذا كان خاصاً لا بد من التفصيل، أما كونه يحمله على أنه سمع قليلاً في لسان العرب -التصريح بخبر لولا- نقول: هذا ليس بمراد.
واحترز بقوله: غالباً عما ورد ذكره فيه شذوذاً.
لَوْلاَ أَبُوكَ وَلَوْلاَ قَبْلَهُ عُمَرٌ ... أَلْقَتْ إِلَيْكَ مَعَدٌ بِالْمَقَالِيدِ
لَوْلاَ أَبُوكَ موجود، هذا لا إشكال فيه. الشاهد في الثانية: لَوْلاَ قَبْلَهُ عُمَرٌ، عُمَرٌ: هذا مبتدأ مؤخر، وقبله: هذا خبر صرح به، هذا شاذ يقول، حينئذ نقول: الصواب أن يعرب قبله متعلق بمحذوف حال والخبر محذوف على القاعدة على الأصل، لا إشكال فيه.
وهذا الذي ذكره المصنف في هذا الكتاب من أن الحذف بعد لولا واجب إلا قليلاً -يعني وليس بشاذ- هو طريقة لبعض النحويين، ومنهم من عمم مطلقاً في النوعين -العامة والخاصة-.
والطريقة الثالثة: أن الخبر إما أن يكون كوناً مطلقاً أو كوناً مقيداً، فإن كان كوناً مطلقاً وجب حذفه، لولا زيد لكان كذا، لولا زيد موجود لكان كذا.
وإن كان كوناً مقيداً فإما أن يدل عليه دليل بذكر مثلاً سابقاً أو لا، فإن لم يدل عليه دليل وجب ذكره، لولا زيد محسن إلي ما أتيت، لولا زيد محسن، محسن: هذا كون خاص مقيد بالإحسان ليس مطلقاً. لو قال: لولا زيد ما أتيت، صار كوناً عاماً التبس، وحينئذ إذا أراد الخاص أو كونه محسن أو مكرم ونحو ذلك وجب ذكره لأنه مقيد.