قيل: الأولى كون المحذوف المبتدأ، أن يكون المحذوف المبتدأ، هذا الأولى، لماذا؟ لأن الخبر محط الفائدة، فإذا دار الأمر: عندك كلمة فيها محذوف يجوز أن يكون الملفوظ به خبراً لمبتدأ محذوف، ويجوز أن يكون مبتدأً خبره محذوف، أيهما أولى؟ قيل: الأولى كون المحذوف المبتدأ والملفوظ به هو الخبر، لماذا؟ لأنه محط الفائدة، وهذا هو أرجح، هذا الراجح أنه إذا دار الأمر بين النوعين أن يكون المحذوف هو المبتدأ؛ لأن الأصل في المبتدأ إنما يذكر لا للجهل به، ننظر إلى المعاني ولا نكون ظاهرية، ننظر إلى المعاني فنقول: الأصل في المبتدأ إنما ذكر توطئة. زيد عالم، تصور معي: زيد عالم، أنا أعرف زيد وأنت تعرف زيد، ولكن كونه عالم هذا الذي أنا تكلمت من أجله، زيد عالم، إذاً: الأصل أن يكون المبتدأ معلوماً، والأصل أن يكون الخبر مجهولاً، وحينئذ إذا دار الأمر بين الاثنين الأولى أن نجعل المبتدأ هو الذي حذف، لأنه معلوم، والخبر هو محط الفائدة.
وقيل: كونه الخبر لأن التجوز في آخر الجملة أسهل، -وهذا ضعيف- التجوز يعني التساهل في آخر الجملة أسهل، نقول: ننظر إلى المعاني.
ومثال المسألة قوله: ((فَصَبْرٌ جَمِيلٌ)) [يوسف:18] صَبْرٌ هذا يحتمل أن يكون خبراً لمبتدأ محذوف، ويحتمل العكس، أي: شأني صبر جميل، أو صبر جميل أمثل من غيره، صبري صبر جميل، هذا على أن يكون المحذوف هو المبتدأ، أو شأني صبر جميل لا بأس، أو صبر جميل أمثل من غيره على حذف الخبر، نقول: الأولى أن يجعل صبر جميل خبراً لمبتدأ محذوف، أي: شأني، أو صبري صبر جميل لا بأس، لو قدر صبري لأن هذا عام، صبر جميل هذا خاص لا بأس، السيوطي قدر شأني من أجل أن يفر عن التكرار لكن ليس فيه تكرار.
صبري: هذا عام لأنه يحتمل الجميل وغيره، فلما قال: صبر جميل حينئذٍ مثل أن نقول: علمه علم نافع، لأن العلم قد يكون نافعاً وقد لا يكون نافعاً، فإذا أخبرت بجنس اللفظ مع نوع تخصيص بالإضافة أو الوصفية لا بأس، علمه علم نافع، صبري صبر جميل.